بنك المعلوماتالمجلة

“موهوبون”.. وقوة الصرخة

في وقت تتزايد فيه الفجوة التكنولوجية بين العرب والعالم المتقدم اتساعًا، ويتزايد فيه اعتماد المجتمعات العربية على استيراد التقنية من الغرب والشرق، والاكتفاء باستهلاكها دون المشاركة في إنتاجها وإبداعها..

وفي وقت يفقد فيه العالم العربي عقوله المبدعة والمفكرة التي خرجت في لحظة يأس تبحث عن أوطان بديلة لأفكارها، لتترجم أحلامها وطموحاتها، بعد أن ظلت معطلة في بيئة محبطة، أدارت ظهرها للعلم والعلماء، وأغمضت عينيها عن كل نجاح، وصمت آذانها عن كل فعل يحاول أن يحرك المياه الراكدة، ويعيد الأمة العربية إلى مسارها الصحيح..

جاءت انطلاقة موقع “موهوبون” الذي لم يكن سوى “صرخة” في فضاء عربي صاخب ولكنه فارغ المضمون. جاءت لتبحث عن إجابة لسؤال ظل يراودني، وربما راود غيري في أرجاء هذا الوطن الواسع ممن أتعبهم ذلك الواقع المتردي.. “كيف بالأمس كنا سادة العلم وفي مقدمة العالم.. ولماذا اليوم أصبحنا عالة على العلم وفي ذيل أمم العالم؟”.

لقد انطلق الموقع بهدف البحث عن المواهب لاسيما العلمية في شتى أرجاء العالم العربي، لإخراجها إلى النور ومساعدتها على تنمية مواهبها وتسويق إبداعاتها العلمية من اختراعات وأفكار مبتكرة، وبعد ثلاث سنوات من العمل اكتشفنا أن التربة العربية مازالت حُبلى بالعقول المبدعة المفكرة التي تحمل أفكارًا خلاقة يمكن أن تغير من شكل الحياة العربية برمتها.

نعم لقد برهنا عمليا على ذلك.. وهو ما جعل السؤال السالف يلح أكثر.. كيف أصبحنا في هذا الواقع المتردي ونحن نمتلك كل هذه العقول المبدعة؟..

إننا نحتاج الآن لمؤسسات وهيئات وطنية تتعاون معنا وتؤمن بأن المستقبل هو في تلك العقول التي حباها الله نعمة الموهبة والفكر الخلاّق، ذلك الفكر القادر بمشيئة الله أن يعيد للعرب مجدهم الغابر ويصنع لهم مكانًا على خارطة المستقبل.

نعم كان موقعنا مجرد صرخة، ولكن يبدو أن الصرخة كانت قوية، فبدأ المخترعون من شتى أرجاء العالم العربي في التواصل معنا وتزويدنا باختراعاتهم التي وفقنا الله لأن نخرجها إلى النور، كما بدأت بعض المؤسسات التي تغار على العروبة، التواصل معنا والاستفسار عن تلك الاختراعات، ليدب الأمل فينا من جديد بإمكانية أن نرى اختراعات عربية تملأ الأسواق ليس في المنطقة فحسب بل في العالم برمته.

لقد خطا الموقع خلال السنوات الثلاث الماضية خطوة كبيرة في سبيل تحقيق أهدافه وأهداف المتواصلين معه ممن يعلقون عليه أمال كبيرة، وقد توجت جهود الموقع في دعم الموهبة وخدمة التنمية العربية بالفوز بجائزة سمو الشيخ سالم العلي الصباح للمعلوماتية كأفضل موقع عربي عام للأفراد لعام 2010م.

وبقدر ما تمثله الجائزة من فخر لنا وتتويج للنجاح الذي حققه الموقع في فترة زمنية قياسية، بقدر ما ستشكل من ضغط ومسؤولية لمواصلة هذا النجاح، والعمل بمزيد من الفاعلية والقوة لخدمة التنمية والبحث العلمي في وطننا الكبير، حتى نكون حلقة الوصل بين نوابغ الأمة ومؤسساتها العلمية والاستثمارية.

ويبقى أن نقول أن هذه الجائزة وغيرها من الجوائز التي تحفز على النجاح تمثل نقطة ضوء، لا ينقصها سوى تخصيص جوائز أخرى للمخترعين من أبناء لتحفزهم على مواصلة طريق الابتكار الذي هو المخرج الوحيد للأمة العربية من كبوتها الراهنة.

عاطف مظهر
01005772608
atefmazhar@yahoo.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى