المجلةبنك المعلومات

الرجل الذي أنقذ20مليون إنسان

أليس عجيباً ان يتذكر البشر أسماء الطغاة والجزارين وينسون أطباء ومخترعين ساهمت أعمالهم في إنقاذ الملايين..

فمن يعرف مثلاً مكتشف لقاح الجدري (الذي أنقذ حياة 70مليون إنسان)!؟ او المرأة التي ابتكرت العلاج بالإشعاع (وشفت اعداداً لا تحصى من السرطان)!؟.. وماذا عن مكتشف فصائل الدم!؟ او الأنسولين!؟ وفكرة التطعيم!؟ او دور الجراثيم في الأمراض!؟..

وفي المقابل كلنا يعرف هتلر وهولاكو وستالين وصدام حسين وجنكيز خان وجميعهم تسببوا بموت ملايين البشر وغدوا أشهر من نار على علم!؟

.. وقصتنا اليوم عن جندي مجهول من النوع الأول اخترع جهازاً أنقذ ملايين الأرواح..

وتعود الحكاية الى عام 1951حين أدرك مهندس الالكترونيات ويلسون جريتباتش ان صنع آلة لتنظيم ضربات القلب سينقذ حياة ملايين المرضى. ففي القلب يوجد جزء يدعى “التجويف العقدي” يطلق نبضات كهربائية تسبب صدمة للقلب فتجعله ينبض باستمرار. ولكن في حالة الانسداد القلبي ينقطع الاتصال بين التجويف العقدي وبطين القلب فلا تصل النبضة إلى البطين فيتوقف ضخ الدم..

وقد سمع جريتباتش لأول مرة بمرض الانسداد القلبي أثناء تناوله الغداء مع جراح من جامعة كورنيل. وكونه مهندساً فكر على الفور بابتكار جهاز كهربائي يزرع في صدر المريض ويقوم بتحفيز ضربات القلب بإطلاق نبضات كهربائية كل ثانية (اي يقوم بدور التجويف العقدي)!!

وفي ذلك الوقت كان من المستحيل صنع آلة بالصغر الذي تصوره جريتباتش ويمكن زرعها بالصدر.

وخلال ذلك اخترع طبيب يدعى بول زول جهازاً خارجياً ضخماً يؤدي الى نفس الغرض ويتصل بالقلب من خلال “افياش” تظهر من الصدر.. (وبالطبع سيبقى المريض مربوطاً بالجهاز طوال حياته ان اراد لقلبه الاستمرار)!!

وبصورة مفاجئة تحقق حلم جريتباتش بتصغير الجهاز حين ظهر الترانستور (وهو تركيبة معدنية بالغة الصغر لا تستهلك كمية تذكر من الكهرباء). و حين اكتملت الفكرة لم يبق أمامه سوى إقناع احد الجراحين باستعمال ابتكاره الجديد. وكانت أول نابضة صنعها بشكل مناسب تتكون من سلكين كهربائيين يثبتان على سطح او داخل القلب تطلقان نبضة في كل ثانية!!

وقد جرّب جريتباتش زرع أول نابضة كهربائية في جسم كلب عام 1958بمعاونة طبيب يدعى تشارداك.ولكن النابضة لم تستطع الصمود لأكثر من أربع ساعات بسبب مشكلتين أساسيتين هما: تسرب الدم للنابضة؛ وانتهاء الكهرباء منها.. المشكلة الاولى تمت معالجتها من خلال وضع النابضة في وعاء معدني محكم لا يصدأ ولا يتفاعل مع الجسم. اما بالنسبة لانتهاء الكهرباء فقد كان جريتباتش محظوظاً مرة أخرى اذ ترافقت فكرته مع اختراع بطارية الليثيوم التي تعمر حتى عشر سنوات!

وفي عام 1960بدأت عمليات زرع النابضة في مستشفى المحاربين القدامى في نيويورك.. امام اليوم فيقدر ان مليون شخص يتم انقاذ حياتهم كل عام من خلال زرعها في قلوبهم (وبضرب متوسط هذا العدد بالسنوات الماضية يتضح ان جريتباتش انقذ حياة اكثر من 20مليون شخص على الاقل) وقد اختير اختراعه 1983من قبل جمعية المهندسين الوطنية كواحد من افضل عشرة اختراعات ظهرت في القرن العشرين..

– بيني وبينك حكاية جعلتني أطرح على نفسي سؤالاً يتنافى مع مزاجنا العام هذه الايام:

فرغم اعترافي بأن الاستعمار الغربي قتل العشرات من أبناء الدول النامية؛ ولكن في المقابل ساهم علماء الغرب في زيادة سكان تلك الدول أضعاف أضعاف!؟

فهد عامر الأحمدي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى