اختراعاتاختراعات بيئية

أنقذت أمريكا من أسوأ كارثة بيئية واجهتها ولا أحد يعترف بذلك

استيقظ العالم يوم 20 إبريل على كارثة وقوع انفجار هائل في منصة بترول “ديب ووتر هوريزون” والواقعة في خليج المكسيك، ونجم عنها مصرع 11 عاملا، وغرق المنصة، وحدوث تسرب بترولي هائل قدر بـ100 ألف برميل يوميا.

التسرب الذي حدث مثل كارثة بيئة واقتصادية هي الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة، ووفقا للتقارير فقد تسرب ما يقرب من 20 مليون برميل من النفط في ساحل المكسيك حتى شهر مايو فقط، وانتشر التسرب ليغطي 110 كيلو مترات من سواحل لويزيانا الأمريكية. وأصاب الهلع جميع مسؤولي البيئة والطاقة في الولايات المتحدة ومسؤولية شركة بريتيش بتروليوم وهي التي كانت تدير البئر، خوفا من أن يستمر ذلك التسرب إلى أبعد من ذلك.

وفي يوم 15 من شهر يوليو نشرت تقارير عن أنه تم السيطرة على التسرب باستخدام إحدى الأفكار التي وصلت من شخص مجهول، لم يستدل على اسمه ولا عنوانه، ولكن الفكرة وصلت إلى أحد العلماء واسمه د. روبرت بي، وقام بإيصالها لإدارة خفر السواحل الأمريكية، ومنها قامت شركة بي بي “بريتيش بتروليوم” بتنفيذها ونجحت الفكرة نظريا وعمليا، ولم تكلف الشركة إلا بضع آلاف من الدولارات.

أما ذلك المجهول فهو شخص عربي اسمه عفيف أبو رفائيل لبناني الأصل هاجر إلى كندا عام 1974، وحصل على براءة اختراع عن فكرته التي تمنع التسرب النفطي عام 1979 بعدما حصلت كارثة مشابهة في خليج المكسيك، وقام بمراسلة شركة بريتيش بتروليوم، وبمراسلة د. روبرت بي، وإدارة خفر السواحل الأمريكية، والبيت الأبيض، والرئيس باراك أوباما نفسه، وبعدد كبير من الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية، ورغم ذلك أصر الجميع أنه شخص مجهول، لا لسبب إلا أنه يحمل اسما عربيا، ولا يحمل الجنسية الأمريكية، ويثبت المخترع ذلك بالمستندات التي حصل موقع موهوبون دوت نت على نسخة منها.

كارثة خليج المكسيك الأولى

بدأت القصة عام 1979 حيث أدى تسرب نفطي إلى نسف منصة اكستوك ون التابعة لشركة “ماكسيكان بيميكس” وهذه المنصة النفطية المقامة في خليج المكسيك على طول 80 كليلومتراً، احتاج المختصون إلى ما يزيد على 275 يوماً لوقف تدفق النفط الذي قدر بـ1.5 مليون طن، والذي شكل بقعة نفطية سوداء كبيرة امتدت على طول خليج المكسيك.

وكان عفيف أبو رفائيل يعمل وقتها في شمال كيبيك في مشروع كهرباء، وكانت كل علاقته بالموضوع هو قراءة الأخبار المتعلقة بذلك التسرب وأنهم لا يستطيعون السيطرة عليه، حتى توصلوا إلى وضع طابات من الرصاص ولكن بدون جدوى.

هنا قام عفيف برسم البئر وتوصل إلى فكرة للسيطرة عليه، ثم قام بالاتصال بالسفارة المكسيكية في أوتاوا، ثم بسفارة كندا في المكسيك، وتواصل مع الملحق التجاري هناك، ثم قابلته بعد ذلك، وحدد لي موعد مع المسؤولين في شركة بيميكس، ثم سلم لهم الفكرة والرسوم يدا بيد.

ولكن الشركة لم تقم بتنفيذ تلك الفكرة لذلك حاول الاتصال برئيس الشركة، عندها رد عليه أحدهم بطريقة غير لائقة ما جعل عفيف يصاب بخيبة الأمل. غير أنه لا يعرف اليأس أبدا، لذلك قام بتقديم الفكرة وحصل بموجبها على براءة اختراع عام 1982.

تقنية الاختراع

اختراع عفيف أبو رفائيل كما يشرحه عبارة عن سدة مجهزة، يتم غلق البئر بها إذا حدث تسرب تحت ضغط مثل ما حدث في خليج المكسيك، كل ما يتم عمله وبسرعة أن يرفع المنفس وهي فتحة في غلاف بئر النفط ، تشبه “شجرة الكريسماس” على رأس  البئر وذلك بطريقة ميكانيكية، ثم توضع السدة الجاهزة والتي يكون فيها ثقل، وتنقسم السدة إلى جزئين واحد يدخل البئر، والآخر يكون في الخارج وهو الأكبر، وهناك صمامات تظل مفتوحة حتى يخرج البترول من خلالها دون أن تتأثر السدة، كما يحتوي الاختراع على سلندرات هيدروكليك، وتقنيات تكنولوجية أخرى.

ولكي تنجح هذه الفكرة ولا يكون هناك أية مشكلات فإنه يتم حساب الضغط الذي يخرج من البئر، ثم يحسب ثقل السدة المطلوبة له، لكي تظل على فوهة البئر ولا تتزحزح بفعل الضغط الشديد، وحينما يهدأ البئر نقوم بغلق الصمامات واحدة تلو الأخرى حتى يتم السيطرة عليه تماما.

يقول عفيف: “على الرغم من أن السدة فكرتها سهلة إلا أنها كانت غائبة تماما عن مهندسين شركات البترول، وأنا أتوقع أن شركة بيميكس لم يروا تلك الفكرة ولا الرسومات التي أعطيتهم إياها، وهذا الأمر الذي جعلهم يخسرون أموالا طائلة جراء التسرب الذي حدث، فضلا عن التلوث البيئي، ولم يخرجون من تلك الأزمة إلا حينما فتحوا بئرين مجاورين حتى يخففوا من ضغط البئر الذي يسرب البترول، وظل التسرب بضعة أشهر من 79 حتى عام 80”.

ولكن لم يطلب الاختراع أحد، وظل حبيس الأدراج حتى أن عفيف نفسه لم يعر الموضوع بالا بعد ذلك، إلا أن حدثت مشكلة التسرب النفطي في حرب الخليج، وفكر في طريقة ثانية للتخلص من تلك المشكلة وتحدث مع الوزير السابق بلبنان الدكتور إلياس سابا، لعلمه بأنه يتعامل مع الشركة الكويتية وصديق المرحوم الأمير سعد العبدالله الصباح ولي العهد في ذلك الوقت، وقام بالتواصل مع أحد الأشخاص في الشركة، وعرض عليهم أن يغلق أول بئر مجانا، فيما يتقاضى أجرا على باقي الآبار، ولكن الأمريكان تحركوا وأغلقوا تلك الآبار.

براءة الاختراع انتهت في سنة 1999، وتم نشرها على الانترنت، وأصبح بمقدور أي أحد الاطلاع على الفكرة.

أسوأ كارثة في تاريخ أمريكا

مع وقوع كارثة التسرب النفطي الثانية في خليج المكسيك في شهر إبريل 2010، توقع عفيف روفائيل أن تكون شركة بي بي لديها علم بالاختراع، ولكن بعد أن زادت كميات التسرب تأكد من أنها لم تعرف تلك الفكرة بعد، لذلك قام بالاتصال بالمسؤولين في شركة “بي بي” ثم بخفر السواحل الأمريكية.

وأرسل لهم نسخة من الأوراق والرسومات وبراءة الاختراع وشرح الفكرة بالتفصيل، ولكن لم يجاوبه أحد، وفي 23 مايو بعث ملخص للفكرة إلى البيت الأبيض وبعدها أرسل عدة رسائل للرئيس باراك أوباما ، ولكن أيضا لم يجب عليه أحد.

يقول عفيف: “في 29 مايو قرأت على الانترنت أن مهندسا اسمه د. روبرت بي من كاليفورنيا، اشتغل مع شركة شيل، وهو أستاذ بجامعة بيركلي بكاليفورنيا، كتب مقالا عن عجز شركة بي بي عن السيطرة على الآبار، لذلك قمت بمراسلته، وشرحت له الأمر، وأرسلت له الرسومات، ثم قمت بالاتصال به وتركت له رسالة على “الأنسر ماشين” عله يتصل بي ولكنه لم يفعل”.

بعد ذلك خضع رئيس شركة بي بي للاستجواب في الكونجرس، لذلك قام بالاتصال بالكونجرس وأخبر إحدى الموظفات أنه يريد أن يتواصل مع أي من الأعضاء لكي يخبره بالأمر من أجل أن يطرحه للمناقشة، ولكن الموظفة لم تفعل أي شيء.

Top kill

قرر عفيف أن يحصل على شهادة في الهندسة حتى يدافع عن هذا الاختراع بنفسه وعن اختراعات أخرى له مع مركز البحوث الكندي حيث معه مشكلة اكبر معهم بسبب محطة لتوليد الطاقة الكهربائية بواسطة ضغط الماء الطبيعي الدائم والهواء الضغوط بواسطة الماء طبيعياً واصطناعيا، وعفيف الآن يدرس بجامعة أوتاوا، وفي يوليو قرأ في إحدى الصحف أن بي بي عندها طريقة جديدة لتغلق بئر البترول، واكتشف أنها نفس الطريقة التي أرسلها قبل ذلك، وأطلقوا عليها اسم “TOP KILL”.

يقول عفيف: “يبدو أن شركة بي بي خضعت لضغط من الدكتور روبرت بي الذي قمت بمراسلته، لذلك أخذوا الفكرة بعين الاعتبار، وفي 15 يوليو أغلق البئر نهائيا، أما الاختلاف الوحيد بين حساباتي وحساباتهم هي أنهم زادوا وزن السدة من 62 إلى 75 طنا لزيادة الأمان”، وكان قد قال لهم “إذا أردتم حلاً جذرياً فأرسلوا لي صورة عن وضع البئر والضغط الحقيقي.

الآن من المفترض أن يتم مكافأة عفيف على ما قدمه من خدمة جليلة للشركة وللبيئة وللشعب الأمريكي، ماديا لأنه أنقذهم من كارثة اقتصادية تنثر يوميا مليار دولار على الماء، وبيئية، ومكافأة على المستوى المعنوي أيضا، باعترافهم بأن عفيف هو صاحب الفكرة، ولكن الغريب أنه لم يتم مكافأته وإنما أنكروا أن الفكرة له من الأساس.

القضية تحولت من مجرد إيصال فكرة وتنفيذها إلى قضية إثبات حق الفكرة، فلم يترك عفيف مسؤول صغير أو كبير في الولايات المتحدة وكندا إلا وهاتفه وأرسل له ما يثبت حقه في الفكرة، وأن الشركة اعتمدت كليا عليها في وقف التسرب النفطي الكارثي والسيطرة على أكبر تلوّث في العالم حتى الآن.

يقول المخترع: “حاولت التحدث مع باتريشيا رينولد في 16 يوليو، وهي سكرتيرة في قسم البحوث والتنمية في إدارة خفر السواحل، ولكنها قامت بغلق السماعة في وجهي، لذلك قمت بمراسلة رئيس قسم البحوث، ولكنه أخبرني بأنهم لم يرسلوا الورق إلى المركز الموحد في خفر السواحل، فقلت له إذا لم تكن أرسلتها أنت، فأنا قد أرسلتها فعلا، وهذا الكلام كان بتاريخ 21 يوليو”.

ويضيف: “وفي 30 يوليو وصلتني رسالة من البريد من خفر السواحل في أمريكا في ورقتين، أول ورقة تقول، نحن حاولنا نرسل لك إيميل ولكن البريد الخاص بك ليس على .COM، الورقة الثانية مكتوب فيها نحن لا نريد فكرتك نهائيا”.

ويؤكد عفيف أن الرسالة التي وصلته بالبريد من إدارة خفر السواحل كانت تحمل في طياتها تلفيقا بشكل غير مسبوق، فالرسالة مكتوبة بتاريخ 23 يوليو يوليو حسب ما استنتج وليس 18 يوليو تاريخ الرسالة، وهذا ما يثبت جزءاً من التلفيق، كما أنهم أرسلوها على عنوان خاطئ، ولكن رقم البريد بشكل مضبوط حيث استلمها سريعا.

عنوان عفيف الإلكتروني على .ca وقام بمراسلة خفر السواحل من قبل وردوا عليه أكثر من مرة ووضع عنوان سكنه بشكل صحيح، فما الذي جعل هناك مشكلة في العنوان البريدي والسكني الآن.

خفر السواحل أيضا أرسلوا له يوم 15 على بريده الإلكتروني أنهم لم يستعملوا الفكرة، فيما أرسلوا له بريدا آخر يوم 21 يقولون إن الفكرة لم يرسلوها للشركة أصلا.

لذلك قام عفيف على الفور بالاتصال بالسفارة الأمريكية بأوتاوا، وقص لمسؤولة هناك في السفارة اسمها مدام فيرلوبي ثم أرسل لها 32 رسالة فيها كامل الإثباتات بحقه في الفكرة، وطلب منها فقط أن يتم الاعتراف بفكرته برسالة شكر خطية من خفر السواحل، فجاوبت وقالت له “ألا يكفيك أن التلوث انتهى؟”، فرد عليها وقال “لا.. إنني أريد اعترافا خطيا”، ولكنها ظلت شهر تقريبا ولم تتصل به، ثم اتصل به شخص من السفارة اسمه مستر بيجز وقال إن فيرلوبي مشغولة وحولت الملف لي.

طلب عفيف من بيجز بعد أن تقاعس هو الآخر أن يحصل على الجنسية الفخرية لكي تعترف الشركة وخفر السواحل باختراعه وبفضله في حل المشكلة، ولكن دون جدوى.

ثم قام مرة أخرى بالكتابة لخفر السواحل في رسالة قال فيها: “أنني أعلم أنكم اجتمعتم مع الدكتور روبرت بي ولأنه له احترام كبير عندكم، فإنكم أخذتم كلامه على محمل الجد، ولكنه أخبركم أن الرسالة التي وصلته من مجهول لم يترك اسمه ولا رقم هاتفه، وهذا الكلام خاطئ لأن مراسلاتي معه كانت فيها كل تلك التفاصيل، ونصيحتي إليكم هو أن تجدوا كذبة أخرى أذكى من التي تجربونها معي”.

تعاطف مع إيقاف التنفيذ

الحل الوحيد الآن أمام عفيف روفائيل هو وسائل الإعلام بعد أن أثبت له تقاعس المسؤولين بشكل كبير، لأهداف لم يعرفها بعد، وانتهز الفرصة حينما قرأ مقالا على مجلة كريستيان ساينس مونيتور لصحفي اسمه باتريك جونسون وذكر فيه قصة الدكتور روبرت بي وكتب عن قصة ذلك المجهول الذي راسله، ولم يستدل على اسمه ولا عنوانه، وأن المجهول هو  من أرسل رسما أعجب د. بي الذي قام بتحويله فورا إلى خفر السواحل باعتباره أسلم حل لكارثة التسرب.

يقول عفيف: “بدوري قمت بمراسلة باتريك وتواصلت معه وقلت له إنني أنا هذا المجهول، ثم أرسلت له كل الإيميلات والسي في الخاص بي، وكل ما يبرهن أن الفكرة خاصة بي أنا، ثم أخذ وقته، ثم قال إنني لن أفعل شيئا، لأنني ناقشت الأمر مع د. بي وهو لا يريد أن يفتح هذا الموضوع نهائيا”.

فرد عليه عفيف بقوله: “إنك كتبت قصة عن شخص مجهول، وأنا ذلك المجهول، تفضل كل الأوراق والمستندات التي تثبت أحقيتي في الفكرة”. ولكن تخلى عنه باتريك أيضا، ولكنه تعاطف مع مشكلته، من دون أن يفعل شيئا آخر غير التعاطف.. التعاطف فحسب.

ثم قام بمراسلة الواشنطن بوست وتحدث مع المسوؤل هناك واسمه ديفيد هامر، ولكنه أجاب بأن الجريدة مشغولة جدا بأشياء أخرى.

فهم عفيف أن الأمر متعلق بضغط شديد من خفر السواحل ومسؤولين آخرين في أمريكا، فهم لا يريدون أن يكون حل تلك الكارثة البيئية والاقتصادية على يد شخص عربي اسمه عفيف أبو روفائيل، وأن الاعتراف يعني إنقاص من وزن الأمريكان ورفعة شأن العرب، وهو أمر لم يقبلوه أبدا.

اتخذ عفيف بعدها مسلكا إعلاميا آخر غير الصحافة، فقام بالاتصال بأحد أصدقائه العاملين في محطة تليفزيون سي تي بي، وكالعادة أرسل لهم الرسائل المؤكدة على أحقيته في الفكرة، ثم اتصل بهم بعدها عدة مرات، ولكنهم أجابوا بأنهم لن يستطيعوا بث الموضوع على المحطة، من دون إبداء الأسباب.

ثم اتصل براديو كندا، وتحادث مع أحد الصحفيين هناك، ولكنه رد بأن راديو كندا صغير وليس لديه الإمكانيات لذلك!!، واعترف أخيرا بأن القصة سياسية، ولا تستطيع إدارة تحرير الراديو أن تنشره حتى لا تقع في مشكلات كبيرة.

ويؤكد عفيف أبو رفائيل أن المسؤولين وصلوا إلى طريق مسدود لا يستطيعون أن يقولوا إنهم هم من قدموا الفكرة، ليسوا قادرين على أن يقولوا إن أحدا غيره هو من قدمها، ولا يستطيعون أن يعترفوا بأنه مالكها، وذلك فقط لأن اسمه عربي، ولا يحمل الجنسية الأمريكية، رغم أنه لا يحتاج فقط إلا إلى ورقة.. ورقة شكر فحسب.

براءة اختراع الجهاز على موقع مكتب براءات الاختراع الكندي

مقال باتريك جونسون عن الاختراع على موقع مجلة كريستيان ساينس مونيتور

الطريقة المبتكرة بالصور على ياهو نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى