مبدعونالمجلةبنك المعلوماتشخصيات علمية

السفينة والرُبّان يبحر في حياة أحد الرموز الوطنية عبد الرحمن المشيقح

في زمن غابت فيه عن معظم الناس قيمة “القدوة”، وأهمية الرموز الوطنية، يصبح الغوص في حياة الكبار، والبحث عن مكامن تفوقهم وأسرار نجاحهم، والإفادة من تجاربهم الاستثنائية، أحد أهم ميادين الكتابة والتدوين، باعتباره لونًا من ألوان السيرة الذاتية الماتعة.

وهناك رموز اجتماعية وثقافية وعلمية وأكاديمية تظل كالنجوم الزاهرة، يقتدي بهم الناس إلى الخير أينما كانوا وحيثما حلوا، يستأنسون بصحبتهم ويسترشدون بحكمتهم، وينتفعون بعلمهم وتفكيرهم، والدكتور عبدالرحمن بن عبدالله المشيقح، هو نموذج من هؤلاء الناس، الذين ظلوا – وما زالوا-ينفعون الناس في مختلف مجالات الحياة.

ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي بين أيدينا، والصادر مؤخرًا عن مركز العالم للتوثيق، وبإشراف البروفيسور محمد بن حمود الطريقي، وتأليف أسامة الزيني، كتاب (السفينة والربان.. رؤية سردية لمسيرة رائد الأعمال والمثقف السعودي عبد الرحمن بن عبد الله المشيقح)، كتب مقدمة الكتاب، الدكتور محمد المشوح. والذي يقول فى تقديمه: “استطاع الصديق الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيزالمشيقح، عبر ما وهبه الله من إمكانات ذاتية معرفية، ومكون عائلي متين، ومشوار ثقافي واقتصادي واسع وطويل، أن يكوّن هذا الحضور الاستثنائي الفريد في سيرته ومسيرته”.

يضيف الدكتور المشوح: “لقد استطاع،المشيقح أن يبني هرمًا من الإنجازات والنجاحات، سواء على مستوى أسرته ومدينته ومنطقته ووطنه، أم على الهضبة العربية والعالمية المتشعبة والمتعددة والناجحة عبر منظومات استثماراته المالية والاقتصادية”.

قيادة الرُبّان المبهرة

يحمل هذا الكتاب معه بهجة كبرى، وهو يرصد إبحار السفينة وقيادة الربان المبهرة لها. فلقد عاش “المشيقح” وترعرع في كنف أسرته التي جمعت في آن واحد جناحيّ المجد والعلو، وهما العلم والمال. وهو كذلك حفيد الجديّن لزعيم، وهو والده الشيخ الوجيه الحكيم عبد الله بن عبد العزيز المشيقح وجده لأمه الأمير الصالح مبارك المبيريك.

فلم يكن عشقه وولعه بالكتاب وملازمته لمجالس العلم والثقافة مبكرًا وليد صدفة، أو حالة فردية، بل كان غرسًا صالحًا سقاه إيّاه والده وجده،فضلا عن أعمامه وأسرته العلمية المعروفة في المملكة العربية السعودية.

كان القرآن الكريم أول كتاب في حياة الصغير عبد الرحمن المشيقح، وكان هذا بديهيًا بالنسبة إلى ابن رجل مثل الوجيه عبد الله بن عبد العزيز المشيقح، يجمع إلى جانب أعماله التجارية الواسعة، إمامة مسجد المشيقح، فكان حرصه كبيرًا على تعليم الصغير وإخوته وجميع صغار العائلة، فدفع به منذ نعومة أظفاره إلى التعليم، بداية من مسجد المشيقح، سواء قبل الالتحاق بالتعليم النظامي أو بعده في العطلات الصيفية، وكان معلموه في مسجد المشيقح، أما أحد الأعمام، أو المشايخ ممن كانوا يدرسون بالمسجد آن ذاك، أو في الكتاتيب، في العطلة الصيفية.

وما إن بلغ سن التعليم النظامي، حتى دفع به الوالد المؤمن بأهمية التعليم لأبناء العائلة في عصر كان بعض الناس يتخوفون فيه من التعليم النظامي، ويرون في العلوم الشرعية منتهى غاية المتعلم، لكن رجلا فيحكمة عبد الله المشيقح لم يكن لتخفى عليه حاجة المسلمين شأن بقية الأمم إلى العلوم المدنية الحديثة، مع تعويض ما ينقص منها في التعليم النظامي الذي التحق به الصغير عبد الرحمن، في مجلس الوجيه عبد الله المشيقح ولم يكن يخلو من القراءة في كتب العلوم الشرعية، ليلاً أو نهارًا، فكان له ولـ آل مشيقح جلسات للقراءة في السيرة والتفسير، وقد أصبحت هذه من عادات الصغير التي اكتسبها من مجلس العائلة في طفولته، ولم تزل أقرب الجلسات وأحبها إلى قلبه إلى اليوم.

ومع تقدّم عبد الرحمن المشيقح في مراحل التعليم الابتدائي بالمدرسة الفيصلية الابتدائية التي التحق بها عام 1372هـ بدأ وعيه يتفتح على علوم أخرى، وبدأت حاسة حب الاطلاع تنمو لدى الصغير الذي تفتح وعيه على العالم كله بعدما بدأ يلتقي في مدرسته وجوها جديدة غير وجوه أبناء العائلة والجيران..

صنعت الكتب من الشاب “عبد الرحمن” مصدر طاقة ثقافية، وكانت جذوة القراءة في عقله، فقد كانت على موعد مع فضاء جديد يستوعب طاقتها، ويمدها بأسباب البقاء والاتقاد، مع انطلاقة نشاط ثقافي قوي في الأندية الرياضية التي أنشئت فى بريدة، آنذاك، بمكتباتها، ومسارحها، محدثة دوياً ثقافياً هائلاً جمع حوله النخب من عقول بريدة المتحفزة التي لم يكن ينقصها سوى فضاء، وأخيرًا وُجد هذا الفضاء.

في وادي العقول

نقلت القراءة المكثفة المتوالية عقل الشاب عبد الرحمن المشيقح إلى وادي العقول القوية التي تمثل النخب العلمية الوطنية مستقبلاً، وكان من أمارات هذه القوة تخرجه في القسم العلمي في المرحلة الثانوية العامة بمعدل عالٍ، اتاح أمامه جميع الخيارات للالتحاق بما يشاء من التخصصات في أي من الجامعات الوطنية أو حول العالم ضمن البعثات الوطنية.

وكانت خيارات الشاب الجامعي داخل المملكة، محصورة بين جامعة الملك سعود في الرياض، وكلية البترول والمعادن بالظهران، والكلية العسكرية، وللوهلة الأولى كانت كلية البترول والمعادن في الظهران، الاختيار الأقرب لشاب لديه ميل كبير لدراسة الكيمياء والذهاب فيها بعيداً، فتوجه إلى الظهران، وقدم أوراقه في الكلية.

فقط خمسة أشهر أمضاها الشاب “عبد الرحمن” في كلية البترول، قبل أن يعتزم بشكل نهائي الانتقال إلى جامعة الملك سعود بالرياض، أو بالأحرى إلى الرياض على وجه التحديد،وكانت جامعه الملك سعود الخيار المتاح لطالب جامعي لديه ميل بدرجة شغف لدراسة الكيمياء، بعدما وقفت صعوبة الذهاب من الظهران إلى بريدة والعودة منها، عقبة في سبيل إكمال دراسته، وسط ما يشبه الانقطاع التام عن الأهل.

لم تكن الوظائف من غايات، أو أولويات الشاب القارئ صديق الكتب المنتمي بجوارحه كلها إلى الثقافة والعلوم، ولم يكن ممن يتعلمون من أجل المستقبل الوظيفي أو الموقع القيادي، بل كان ممن يتعلمون من أجل العلم.

وخلال فترة دراسته والتي استمرت من عام 1387هـ حتى تخرجه عام 1391هـ تخللها زواجه.

كانت هذه، وبقيت، فلسفة العمل لدى الطفل، ثمالصبي، ثم الشاب، ثم الشيخ، عبد الرحمن المشيقح. فقد كان العمل بالنسبة إليه تحليقاً يومياً في الحياة التي أحبها، وكان كل خيط نور في صباحات أيامها، خيط أمل جديد ينير الوجود أمام عيني رجل لم يعرف التشاؤم، ولم يتوقف أمام الحزن، ولم يشعر يوما بأن شيئاً فاته.

وشاءت الأقدار أن يصطدم الشاب الخريج بصخور الوظيفة الحكومية، ووجد كل شئ يتوقف فجأة بعد التخرج في كلية العلوم، حاملاً درجة البكالوريوس في الكيمياء وعلم الحيوان، ووجد نفسه في 21 رجب 1391هـ مدرساً للعلومفي متوسطة”الرس”، ولندرة تخصصه، وتميزه فيه، كُلف، أيضاً مدرساً لمادة الأحياء في ثانوية “الرس”.

وبعد ثلاثة أشهر من مباشرة العمل، جاءته برقية بأن يتوجه إلى بغداد ممثلا لوزارة المعارف، آنذاك، لحضور حلقة مخصصة لوضع المناهج العلمية في الوطن العربي، وكان قبلها توفى والده الوجيه عبد الله بن عبد العزيز المشيقح في 25 من ذي القعدة عام 1391هـ.

في بغداد، جلس المعلم حديث التعيين، مشاركا في وضع ماده الأحياء في البلاد العربية… كان منجزا استثنائيا له ان يجلس، ممثلا لوزارة المعارف في هذا المحفل العلمي العربي، إلى جانب ممثل جامعة الملك سعود في هذه الحلقة الدكتور عبد العزيز أبو زنادة.

ولم ينقض العام إلا وقد وصلت برقيه فيها عدد من الأسماء، بينهم اسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز المشيقح، يمكنهم الابتعاث إلى الخارج، لمن يرغب منهم في الانضمام إلى برنامج تطوير التعليم المبرم مع جامعتي “إنديانا” و”أوكلاهوما” الأمريكيتين، وبالفعل سافر، وهناك تدرب، وهناك التحق بدراسة الماجستير.

عاد بدرجة الماجستير في طرق تدريس العلوم من جامعه بلومنغتون، وعلى الفور عين مديرا للمعهد الفني الزراعي ببريده، وفى هذه الأثناء قدم على كليه التربيه في جامعه كنيدي ويسترن،وكالعادة قبل، واختار موضوع الاطروحة في “التعليم المهني والتقني وحتميه التوجه العربي”. سجل أطروحةالدكتوراه وهو على رأس العمل مديرًا للمعهد.

قرر التخلى عن أي مهام إدارية، والاكتفاء برئاسة مجلس إدارة شركه الوسائل الصناعية والتفرغ أخيرًا لما يحب، للكُتب التي منحها، فوق أعوام عمره، وأسس مكتبة عملاقة عام(1443هـ/ 2021م).

لميزد المالعبد الرحمن المشيقح الذي عاش في أثرى بيوت القصيم وأغناها، إلا تواضعا وخلقا مع الآخرين، وتعلقاً وشغفاً بالكتاب، وودّاً مع المثقفين والعلماء والأدباء، ورحمة وشفقة وحدبا على الضعفاء والأرامل والمساكين.

البدء من الصفر

يقول المؤلف: “لقد قدمت سيرة الدكتور “المشيقح” دليلاً واضحاً وقوياً، على أن مُضي الإنسان بقوة وعزم والتزام وجدية نحو آفاق العلم والعمل، أي عمل، من شأنه ضمان تحقيق جميع الأهداف المتاحة في طريقه، وليس هدفاً واحداً، وهذا لا يهدم مقولة أن الإنسان ينبغي أن يحدد هدفًا يسعى إليه، لكنه في الوقت ذاته يطرح مقولة أخرى موازية، (أن الإنسان حين يعمل بقوة، يحقق ما شاء الله له من الأهداف)، وهذا يعفيه من الانشغال بفكرة الهدف، والاكتفاء بالعمل، مع الحرص على قدر من المرونة وسعة الأفق يكسبه القدرة على الرؤية الشاملة للأمور والمستجدات، والتكيف معها”.

لم يدر بخلد أحد في بريدة القديمة أن يأتي يوم على أحد أبناء الجيل الرابع من آل مشيقح، ويطلق على أحد أثريائهم لفظ “عصامي”، إذ كيف يكون عصاميًا رجل ولد في بيت أقرب ما يكون إلى مجمع سكني بلغة اليوم، يخرج أهله زكاة فطرهم مئة وعشرين صاعاً من تمر، ولهم مسجد به رباط ملحق به، وتتحدث الكتب، والتاريخ المروي، عن أنهم كانوا أثرى أثرياء مدينتهم منذ جدهم الأكبر حمود المشيقح الأول.

لم يتخيل عبد الرحمن المشيقح نفسه أنه سيأتي عليه يوم من الأيام يحتاج فيه هو وأشقاؤه لأن يبدأوا رحلتهم من الصفر، والمضي في بناء كيان أسرتهم الاقتصادية من جديد، لكن الواقع تجاوز خيالهم، واستيقظوا ذات صباح على حقيقة كفيلة بأن تضرب من يتعرض لها بهزة عنيفة تسقطه كما يسقط بناء شاهق الارتفاع كومة واحدة، فلا تقوم له بعدها قائمة، ويصبح جزءًا من تاريخ مدينة، لا وجود له في حاضرها إلا على الهامش.

كانت سفينة آل مشيقح العملاقة تسبح بهدوء وثقة واتزان في مياه هادئة، ووسط أجواء مواتية تجعل جميع من على متنها يشعرون بطمأنينة تامة؛ إلا أن أسرتهم الكبيرة العريقة في مأمن من عوادي الايام؛ لما لها من تجارة كبيرة، وأملاك واسعة، ومدخرات كثيرة، لكن الحياة أتت بما لا تشتهيه السفينة، وأصبح على كل منهم أن يبحث عن حلول مبكرة من أجل أن تواصل السفينة إبحارها، أو على الأقل من أجل رسو آمن عند أقرب مرفأ.

على المستوى الشخصي كان عبد الرحمن الابن البكر للوجيه عبد الله المشيقح من زوجته ثاقبة المبيريك، وأكبر أشقائه، في موقع يجعله وريثاً مشرفا لمجد آل مشيقح، في ظل ما حققه من تفوق علمي، وحضور ثقافي، وتقدمه السريع على مضمار الوظيفة الحكومية محققا وثبات وظيفية من موقع إلى آخر.

واتسعت رحلة صعود الوجيه عبد الرحمن المشيقح لأكثر من أهدافه التي سعى إليها، وأثر من غاياته التي أراد تحقيقها، فتحولت من رحلة صعود شخصية، إلى رحلة صعود وطنية، أشبه ما تكون بانفجار استثماري عظيم تشكل على مراحل كثيرة حتى وصل إلى الصورة التي هو عليها الآن، لكنه لم يتشكل وحده، إذ أسهم في تشكلكثير من الكيانات الاستثماريةالتي أثرت الحياة الاقتصادية في القصيم والمملكة، وأثرت قطاع الاستثمار بتجارب كثيرة ملهمة.

قطاعات كثيرة استفادت من رحلة صعود آل مشيقح بقيادة عبد الرحمن، الذي حزم أمره على الاستقالة من الوظيفة الرسمية مديرا للمعهد الزراعي ببريدة، والتفرغ التام لقيادة شركة الوسائل الزراعية،البداية بالغة التواضع له ولأشقائه،والتي بعد عقود من الكفاح، أصبحت واحدة من الشركات المهمة المعدودة في مجالها، بعد توسيع نشاطها وتطوير أدائها، ليسعلى مستوى المملكة أو المنطقة وحسب، بل على مستوى العالم، وتغيير اسمهاإلى شركه الوسائل الصناعية، إحدى شركات سوق المال السعودية اليوم. لكنها أيضا، لم يحمل اسم آل مشيقح بتوقيع عبد الرحمن عبد الله المشيقح واشقائه الأربعة.

وتدرج “المشيقح” في مراقي الصعود، حتى نال ذروة الثقة في عدد كبير من الأعمال والمسؤوليات. فكان نعم الأمين المخلص الناصح برأيه المسدد ومشورته الصائبة وعقله الراجح وفؤاده الذي ينبض حبا وولاء لوطنه وولاةأمره – حفظهم الله- فحظي بتقديرهم مبكرا ونال ثقتهم في كل ميدان ومحفل.

تجاوز “المُسلّمات المعلبة”

من شأن سيرة المثقف ورجل الأعمال السعودي الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله المشيقح تغيير نظرة قارئها للحياة، وتجاوز كثير من المسلمات المعلبة بشأن النجاح، على شاكلة: (ضرورة أن يكون للإنسان هدف كبير يسعى إليه)،فالمتأمل لمنعطفات هذه السيرة الطويلة الحافلة بالمنجزات المتنوعة والمؤثرة،يلاحظ أن كلمة السر في كل ما تحقق لصاحبها، العمل، ثم العمل، ثم العمل، في كل اتجاه،ومن دون توقف، ومن دون ملل، ومن دون النظر إلى الوراء، مع قراءة عميقة لدروس الحياة.

يضيف المؤلف: “لكن هذا كله لا يعني أن الأمور بهذه السهولة، فحتى يصل عبد الرحمن المشيقح إلى هذه المرتبة من التحقق، وحتى تجتمع له هذه النجاحات الكثيرةوالكبيرة، كان عليه أن يكبر بسرعة تفوق عمره الحقيقي، ولقد ساعده على هذا، بعد تربيته الصارمة على أيدي كبار العائلة في مجلس آل مشيقح العريق، نهمه للقراءة منذ بواكير حياته، واستلهامه تجارب كثيرةسجلها أصحابها مدونة في الكتب فوصلت إليه، وصنعت منه رجلا خاض تجربه مختلفة في الحياة تجاوزت تجارب أقرانه، تماما مثلما وصلت سيرة الدكتور عبد الرحمن المشيقح إلى يدك الآن عزيزي القارئ، ونأمل أن تكون طاقه إلهام لك، تماما ما كانت سير من قرأ لهم في الماضي طاقه إلهام له في رحلته الملهمة”.

حين تسأل الدكتور عبد الرحمن المشيقح عن اسم الوالدة، يلتفت إليك بثقة واعتزاز، ويجيبك بشمم وحب “أمي ثاقبة”.

كان اسم الوالدة “ثاقبة” اول إرث الصغير عبد الرحمن المشيقح من أمه، وبالطبع لم يكن آخره، فظلت قائمة عطايا الوالدة “ثاقبة بنت مبارك بن ناصر المبيريك”، عصية على الإحصاء. أيضا أول مشاعر حب نبتت بذرتها في قلب الصغير، كانت مشاعر حبه للوالدة، بمثابة دخول إلى روضة أرضية، لم يزل عبق رياحينها يهب عليه كلما خطرت له السيدةالوالدة التي كانت بالنسبة إليه أكثر من أم.

موانئ بلاضفاف

كانت رحلة الدكتور عبد الرحمن المشيقح، وهي رحلة طويلة شارفت على نحو ستين عاما، كفاحا كبيرا من أجل البحث عن الذات، لا يقصد المؤلف هنا ذات عبد الرحمن المشيقح الإنسان، فلم يكن الرجل مشغولاً بنفسه، بقدر ما كان مشغولاً بالمسؤولية تجاه عائلته الكبيرة، آل مشيقح، ومسؤولية تجاه الثقافه العربية التي كان ابنا باراً لها، فم يتوقف إلى اليوم عن تقديم خدماته لها؛ اعترافاً منه بالجميل لكل كتاب قرأه وأسهم في بنائه منذ نعومة أظفاره، ومسؤوليته تجاه بلاده بإرساء قيم الاستثمار الوطني المعاضد لسياسات وطنه الاقتصادية، ومسؤولياته تجاه الإنسانية التي آمن بها مبكراً، وعمل على مدار عقود عمره على أن يكون مواطناً بارًا بوطنه حق المواطنه التي يعرفها جيدًا في جميع تفاصيلها.

وقبل الختام؛ يعرج بنا المؤلف على موانئ كثيرة مرت بها سفينة الرحلة القديمة منذ إبحارها، كان من أبرزها:

  • تأسيس ورئاسة مجلس إدارة شركه الوسائل الصناعيه (شركة مساهمة عامة)، وعضو سابق في مجلس الشورى السعودي وأحد مؤسسي جامعة المستقبل (كليات القصيم الأهلية سابقا).
  • كانت انطلاقته مع إخوانه؛ ناصر، وعبد العزيز، وصالح، وعبد القادر، في القطاع الزراعي عام 1979 من خلال مشاريع صغيرة وكفاح تكلل بالنجاح في أكبر شركةلإنتاج أنابيب “البولي إثيلين”في الشرق الأوسط.
  • عضو مجلس الشورى في دوراته الثالثة والرابعة والخامسة 1422-1434هـ.
  • عضو اللجنة التعليمية والبحث العلمي بمجلس الشورى 1422-1423 هـ.
  • عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى 1424-1432 هـ.
  • عضو لجنة الصحة والبيئة بمجلس الشورى 1432-1434 هـ.
  • ترأس وفد مجلس الغرف السعوديه إلى اجتماع الدورة 93 لاتحاد عام الغرف التجارية والصناعية والزراعية للبلاد العربية في شرم الشيخ مصر، في سبتمبر 2002م.
  • ترأس ووفد مجلس الغرف السعودية إلى اجتماع الدوره 94 لاتحاد عام الغرف التجارية والصناعية والزراعية للبلاد العربية في المنامة بالبحرين في مايو 2003م.
  • شارك في عدد من المؤتمرات واللقاءات المحلية والعربية والدولية.
  • شارك فى تأسيس مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين عام 1419هـ.
  • اختارته مجلة نجوم وأضواء العربية الأردنية الشخصية الاقتصادية والثقافية المثالية لعام 2008م.
  • حصل على درع التميز لرواد العمل المجتمعي العربي في مونديال القاهرة الإعلامي، تحت إشراف جامعه الدول العربية عام 2014م.
  • شارك في تطوير مناهج الأحياء للمرحلة الثانوية في العالم العربي لمنظمة “الأليسكو”.
  • له كتاب بعنوان التعليم المهني والتقني وحتمية التوجه العربي عام 1409 ه.
  • شارك في تأليف كتاب (عندما تلتهب القوافي)، عام 1412هـ.
  • ألف معجم المشيقح القتني لمصطلحات العلوم الزراعية والبيئة الصادر عام 1430هـ،والحاصل على جائزة وزارة الثقافة والإعلام في معرض الرياض الدولي للكتاب، عام 1433هـ.
  • له معجم الوسائل لمصطلحات العلوم التطبيقية والتقنية، تحت الطبع (جزآن).
  • له كتاب بعنوان “سطور في التنمية”، صدر عن دار النظير، عام 1434هـ.
  • له تاب “عقود في حوار” سيرة ذاتية في حوار.
  • له منتدى ثقافي باسم “أربعائيةالمشيقح” في بريدة،ينعقد دوريا منذ جمادى الأول عام 1428هـ.
  • له جائزة للموهوبين في منطقه القصيم.
  • له مسابقة أدبيةفي مجالات؛ المقالة، والقصة، والقصيدة.
  • أنشأ مع إخوانه مكتبة للمكفوفين، باسم والده الشيخ عبد الله المشيقح.

وفي الختام؛ لقد أسعدتنا تلك الإطلالة المتأنية على مسيرة هذا العلم الوطني والثقافي الكبير وهذه الرؤية السردية الرائعة (السفينة والربان). على أمل أن تكون تلك الرؤية نبراسا للأجيال، مُلهمة لمن قرأها واطلع عليها. محفزة لكل عاشق لمعالي الأمور وجميل السجايا في وطننا العربي الكبير.

زر الذهاب إلى الأعلى