رسائل الدكتوراهابحاث علميةشخصيات علميةمبدعون

لمياء حكيم من تونس تصبح أول مريضة بمرض قمر الأطفال

لمياء حكيم شابه تونسية تبلغ من العمر 30 سنة, وهى تعاني من مرض (كزيرودارما) أو ما يطلق عليه أحيانا (أطفال القمر), ورغم ذلك تمكنت من الحصول على درجة الدكتوراة في علم الجينات.. يوم حصول على هذه الدرجة العلمية, لم يكن يوماً عاديا في حياتها، فقد كان يوم التحدي الأكبر أمام اللجنة العلمية لامتحان نيل درجة الدكتوراه في علم الجينات من كلية العلوم في تونس العاصمة. بالفعل حصلت لمياء على درجة الدكتوراه. لتكون أول طفلة من أطفال القمر تتحصل على هذه الدرجة العلمية في العالم.

ولمياء مصابة بمرض (كزيرودارما xeroderma) وهو المرض الذي يتسبب في حساسية مفرطة للأشعة ما فوق البنفسجية، سواء الآتية من الشمس أو من أنواع معينة من الفوانيس.

تقول لمياء فى تصريحات لجريدة القدس العربي اللندنية: “هذا إنجاز أفتخر به لي ولعائلتي ولأطفال القمر في العالم أجمع.. لم يكن سهلا أبدا البحث العلمي، فهو ليس سهلا للإنسان العادي فما بالك لأطفال القمر؟”.

وعلامات الانتشاء بالإنجاز الباهر تعلو محياها أردفت: “كنت أضع ألف حساب للشمس، فهي خطر عليّ، خاصة في بلد مشمس مثل تونس”.

وفسرت لمياء حصولها على هذه الدرجة العلمية قائلة: “آمنت برسالة أردت إيصالها، وهي أن هناك أمل”.

وأوضحت: «أردت إيصال رسالة لمن يعانون مثلي وللعالم أنه يمكن تغيير الألم إلى أمل، وهو أمر سهل عند الحديث عنه، لكنه أمر صعب جدا في الإنجاز».

وأضافت: «الحمد لله ربي أعطاني القوة وعائلة آمنت بقدراتي لأصل إلى هذا التتويج».

ووجهت رسالة إلى «أطفال القمر» مفادها «أن يؤمنوا بذواتهم، فإذا تعبوا يوما فما عليهم سوى جعل تلك العقبة معبرا للتقدم وإعطاء الأمل.. نعم نحن تعبنا لكننا وصلنا». نعمان حكيم والد لمياء بدا متأثرا وابنته «طفلة القمر» تمر أمام اللجنة العلمية لعرض أطروحتها، وقال متحدثا عن مسار ابنته العلمي: «هو نتيجة 25 سنة كفاح خاصة مع ابنتي التي لها مشكل صحي فهي من أطفال القمر وخروجهم ليس سهلا». وأضاف: «هي تضحية الأم خاصة، مع تضحية العائلة، فهؤلاء الأطفال يتطلبون متابعة يومية في الدخول والخروج وهو أمر صعب جدا».

 

 

لمياء حكيم من تونس تصبح أول مريضة بمرض قمر الأطفال
لمياء حكيم من تونس تصبح أول مريضة بمرض قمر الأطفال

 

وتحدث عن مراحل تعليم ابنته ذات الوضع الصحي الخاص والدقيق قائلا: «وضعنا كعائلة برنامجا لكل مرحلة من مراحل تعليمها، الأساسي ثم الثانوي ومرحلة الإجازة بالجامعة، ولما نجحت قلنا لم لا الدكتوراه؟». وتابع: «الدكتوراه هي تحدٍ للمرض وللإعاقة والظروف وللمجتمع الذي لا يقبل الفوارق في الصحة».

وأردف: «كان شعارنا دائما إلى الأمام مسنودين بالعائلة والأصدقاء في الخارج من ناحية الأدوية، فليست كل الأدوية موجودة في تونس وكذلك خلال المرافقة إلى المعهد الثانوي». وقال نعمان حكيم إن «الهدف (بالنسبة للمياء) هو التألق في التعليم، وكثير من الكوادر الجامعية فتحت لنا الأبواب».

وزاد: «في سنتها الأولى في الجامعة قال لنا عميد الكلية إن أبواب الجامعة مفتوحة وأي عمل علينا (الجامعة) القيام به لمساعدة لمياء سنقوم به».

ومتأثرا أردف الأب: «25 سنة دراسة واليوم يتوّجُ كفاحها». وتحدث عن نمط حياتهم الذي مكنهم من مرافقة لمياء إلى هذا التتويج قائلا: «لا نذهب للبحر إلا بعد الغروب، فالأشعة ما فوق البنفسجية تقلقها»..

وأضاف أنها «كانت معاناة صعبة.. معاناة أن تعيش لمياء بأخف الأضرار وتندمج في المجتمع وهذا كان دور العائلة». وتابع: «كأب وكأم كانت لنا رسالة أن تتألق لمياء في الدراسة، ونحن نرى ذلك أمرا عاديا أن نضحي للمحافظة على حق ابنتنا في البقاء».

وعن أصدقاء لمياء قال الأب: «أصدقاؤها وقفوا معها وكانوا يوفرون لها الحماية عندما تذهب إلى منازلهم إذ يسدلون الستائر ويغلقون النوافذ لتبقى لمياء مرتاحة». وزاد: «هنا في الجامعة مختبرها مجهز بشريط واقٍ لمنع تسرب أشعة الشمس، والإدارة وفرت هذا وسمحت لنا بالقيام بأي شيء يوفر لها الراحة».

أم لمياء منى الجمل قالت إن «أطفال القمر ليس سهلا عيشهم، فهو مرض لا يتحمل الأشعة ما فوق البنفسجية».

وتابعت: «وصلت لمياء للدكتوراه وهذا ليس سهلا، وأتمنى أن يصل الجميع إلى مستواها، فالأمر يتطلب قليلا من الصبر وكثيرا من التعب».

ومتحدثة عن علاقتها بابنتها قالت: «كنت ظلها كما تقول هي، أصاحبها وأرافقها في كل مكان فهي يجب ألا ترى الشمس». وبدت الأم فخورة بابنتها: «هي تزوجت واليوم تنجز الدكتوراه». ووفق الطبيب محمد الزغل، في حديث سابق للأناضول، فإن هذا المرض الجيني يدعى «كزيرودارما» وهو مرض وراثي.

ويعاني المصاب بهذا المرض من حساسية مفرطة للأشعة ما فوق البنفسجية، سواء الآتية من الشمس أو من أنواع معينة من الفوانيس.

وهو مرض سرطاني بالنسبة للمرضى غير المحميين، ويتكاثر في الوجه ويمكن أن يشوهه، ويعيش المصابون به بين 10 و15 عاما، لكن في إمكان من يقي نفسه أن يعيش إلى 70 أو 80 عاما، وفق الزغل.

وينتشر هذا المرض خاصة في حالات زواج الأقارب، وفي شمال إفريقيا توجد حالة لكل 10 آلاف شخص، ثم تأتي اليابان في المرتبة الثانية بحالة لكل 100 ألف، وبعدها أوروبا بحالة لكل 300 ألف تليها الولايات المتحدة بحالة لكل مليون شخص، وفي تونس مئات الحالات حسب الطبيب.

زر الذهاب إلى الأعلى