المجلةبنك المعلومات

العرب.. وعلم الحيل (الميكانيكا والآلات)

ابتكر العرب وطوروا ما ورثوه, وبلغوا به شأواً بعيداً فآلة الأسطرلاب التى تستخدم لقياس مواضع الكواكب وتحديد سيرها, ومراقبة أحوال الجو, وشئون الملاحة, وقد ذكر الخوارزمي نحو خمس وأربعين طريقة لاستعمالها.

كما كان المشروع الرئيسي لأبي إسحق إبراهيم الزرقالي الطليطلي (493هـ) فى كتابه (الصفيحة الزيجية), ودخل إلى أوروبا خلال القرن العاشر, وظل معمولا به حتى القرن السابع عشر, وإبراهيم هذا نفسه هو الذي برهن للمرة الأولى على انتقال البعد الاقصى للشمس بالقياس إلى النجوم.

وما أكثر انواع الاسطرلابات التي اتكأ عليها المسلمون فى أعمالهم الفلكية كالثام والمسطح والطوماري ولاهلالي والزورقي والعقربي والآسي والقوسي والجنوبي والشمالي والمبطح والمسرطق, وحق القمر, والمغني والجامعة. وعصا موسى. وفي التعريف بهذه الأنواع كتب رسائل عديدة.

وقد ذكر تقي الدين بن محمد بن زين الدين (993هـ) فى كتابه (سدرة المنتهى), أحد عشر نوعاً من أشهر ما هنالك من آلات يستعين بها العلماء فى مرعفة درجات الطول والعرض, وحركات النجوم من سمت وارتفاع.. وهي: اللبنة, والحلقة الاعتدالية, وذات الأوتار, وذات الحلق, وذات السمت والارتفاع, وذات الشعبتين, والمشبهة بالمناطق, وذات الجيب, والربع المسطري, وذات الثقبتين, والبنكام الرصدي, ويعقب على ذلك بقوله: “.. ولم يزل أصحاب الأرصاد ماشين على تلك الاصول والآلات إلى ان جاء العلامة الماهر, والفهامة الباهر, على بن إبراهيم الشاطر فأصل اصولاً عظيمة, وفرع منها فروعاً جسيمة.. وتالله ان ما فصله فى زيجة المنسوب إليه, لا يتيسر لأحد كشف مجملاته إلا بتطبيق الشهوات, ولا يتسنى لبشر حل مشكلاته إلا بالانقطاع في الخلوات مع عقد القلب, وربط اللب, على ما عقد هو عليه قلبه من طلب الحق, وإيثار الصدق, وعدم قصد المتكبر والفخار, والوصول إلى درجات الاعتبار..”.

وصنعوا الربع الحائطي, والربع السمتي, والربع المنتقل, والربع ذا الثقب, وقد أفاضوا الوصف فى (أنواع الأرباع): كالتام والمجيب والمقنطرات والآفاقي والشكازي, ودائرة المعدل, وذات الكرسي, والزرقالة, وطبق المناطق.. وذكر ابن الشاطر ان هذه الآلات ليس فيها ما يفى بجميع الأعمال الفلكية فى كل عرض, بل لابد من إدخال بعض التعديلات والتجديدات عليها, وقد توصل البيروني إلى استخدام الربع الفلكي الحائطي ذي القطر الوسيع, هذا فضلاً عن مسدسات ومثمنات السطوح.

المزاول: كان العرب يعنون كثيراً بصناعة المزاول التي كانت الوسيلة الوحيدة لمعرفة الوقت.., وإلى هذه الصناعة يشير كتاب (عمل الساعات على صفيحة تنصب على السطح الموازي للأفق) للكندي, وكتاب آخر له اسمه (استخراج الساعات على نصف كرة بالهندسة), وكتاب لثابت بن قرة اسمه (آلات الساعات التي تسمى رخامات) وكتاب ثانٍ له اسمه (قطع المخروط المكافئ), ومن هذا الاسم تستدل على ان ثابت بن قرة كان ينتفع من قطوع المخروط فى صنع المزاول.

ويقف معنا مهندس عربي طبق هذا المنهاج بمهارة فى القرن الثالث عشر الميلادي هو أبو الحسن على, الذي نرى الساعات الشمسية مدينة له أكثر مما لغيره, حيث وضع رسالة مفصلة فى (مزولة العرب), ونرى في هذه الرسالة للمرة الأولى خطوط الساعات المتاسوية التى لا عهد لليونان به, ويولح لنا ان هذا الاختراع الذي حفظ لدى المعاصرين مدين لابن الحسن نفسه, حيث يفصل فى ذلك الكتاب صنع خطوط الساعات الزمانية- المسماة ايضاً بالساعات القديمة, والساعات المتفضلة, ويحسب الخطوط العدسية, ومحاور هذه المنحيات لتعيين عرض المكان, والساعات اليهودية- وينتفع بالقطوع المخروطة أو صف أقواس البروج, وبعد الشمس من خط الاستواء, وارتفاع ميل الساعة الشمسية.

ومن هذا نرى ان العرب هم أول من اخترع (الساعات الشمسية) التى كانت إداة فعالة فى تحديد الوقت ووضع التقاويم الفلكية.

ولم يقتصر العرب فى وضع هذه الساعات على اللون الشمسي, لكا, فقد اكن هناك: اللون المائي, والزئبقي, والشمعي, والثقلي, وابتكروا ايضاً (الساعات الشمسية الدقاقة), أي ذات الرقاص الدقيق, ويعلق قدري طوقان على ذلك بقوله: ” يعتقد كثيرون ان الرقاص (البندول).. من مخترعات العالم الايطالي جاليليو (1564- 1642).., وهؤلاء الكثيرون قد يستغربون إذا قيل لهم: ان هذا غير صحيح, وان الفضل فى اختراعه يعود إلى العالم العربي المسلم لاذي نشا فى مصر على ضفاف النيل, وهو: على بن عبد الرحمن بن يونس الصدفي المصري (399هـ), فقد سبق جاليليو فى استعماله للساعات الدقاقة بأكثر من ستة قرون”.

ويقول المؤرخ الفرنسي سيديو”.. وكذا ابن يونس المقنفي سيرة أبي الوفاء البوزجاني قد ألف فى رصده بجبل المقطم (الزيج الحاكمي), واخترع الربع ذا الثقب, وبندول الساعة الدقاقة”.

ويقول العالم الأمريكي سمث: ومع ان (قانون الرقاص) هو من وضع جاليليو إلا ان كمال الدين موسى بن يونس الموصلي (639هـ), قد لاحظه وسبقه فى معرفة شئ عنه, أي عرف أشياء من قوانين تذبذب الرقاص, حيث كان الفلكيون المسلمون يستعملون البندول لحساب الفترات الزمنية اثناء الرصد.

الدوائر والمحلقات:

ومن هؤلاء الذين أسهموا فى هذا الميدان نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي (672هـ) الذي ابتكر المحلقة ذات الخمس حلقات, وأولاها تشير إلى خط الطول, وثانيتها تشير إلى خط الاستواء, وثالثتها تشير إلى الخط الاهليلجي, ورابعها ترمز إلى خط العرض, وخامستها تشير إلى دائرة الانقلاب الصيفي والشتوي.

وقد وضع الزيج الايلخاني, وأقام مرصد مراغة, ومن “مبتكراته إحداث ثقب فى قبة المرصد تنفذ منه أشعة الشمس على وجه ترعف به درجات حركتها اليومية ودقائقها وارتفاعها فى محتلف فصول السنة, وتعاقب الساعات”.

زر الذهاب إلى الأعلى