المجلةبنك المعلومات

” أضف “.. ضياء برغم انطفاء الشهاب

” أضف “.. ضياء برغم انطفاء الشهاب

 

بقلم : د . مجدى سعيد

عندما سئل الصديق أبو بكر: بم عرفت الله؟ قال: بنقض العزائم، كنت قد عزمت الكتابة عن نقطة مضيئة أخرى، غير ما سأكتب عنه اليوم، لكن الله أراد شيئا آخر، فقبل نهاية ليل الأربعاء 4 ديسمبر 2013 فاضت روح المهندس علي شعث مؤسس “مؤسسة التعبير الرقمي العربي” واسمها اختصارا ” أضف ” والتي تأتي تعريبا لأوائل حروف الاسم الانجليزي Arab Digital Expression Foundation، لم أكن أعرف المهندس علي شعث من قبل، لكنني كنت قد أضفت ” أضف ” إلى قائمة النقاط المضيئة التي أنتوي الكتابة عنها، وهي الكتابة الذي سأمزج فيها الحديث عن المؤسس والمؤسسة.

الفقيد المهندس علي نبيل شعث (1968 – 2013) فلسطيني مصري، يعرفه موقع المؤسسة بأنه “مهندس الكترونيات وكمبيوتر، متخصص إدارة وتدريب، وعاشق للموسيقى والشعر. شارك منذ سن المراهقة في تطوير ثم التدريب ثم إدارة معسكرات الكمبيوتر العربية ١٩٨٤-١٩٩٤. وفي عام ٢٠٠٥ شارك في تأسيس معسكرات التعبير الرقمي العربي. وهو يدير أيضاً شركة لتطوير الصناعات الالكترونية المحلية في مصر”، كما أنه “أحد رواد البرمجيات الحرة في الوطن العربي، ومؤسس الجمعية المصرية للبرمجيات مفتوحة المصدر  Open Egypt”

أما ” أضف ” أو مؤسسة التعبير الرقمي العربي فهي مؤسسة عربية غير حكومية تعمل على تنمية الفتية والشباب العرب باستخدام أدوات رقمية للتعبير عن آرائهم، وهي أيضا “منصة عربية تؤمن بأن إنتاج المعرفة والتعبير الحر من أسس بناء وتعزيز مجتمعات فاعلة. تؤسس أضف مساحات وتدعم مناخات للتعلم والتعليم وتبني مهارات وتطور أدوات – تقنية معلوماتية – لدعم الأفراد والمجموعات العاملة على الأرض بهدف تطوير وتقوية ممارسات فاعلة في المجتمع”، والمؤسسة معنية بتوسيع رقعة تمكين الأجيال الجديدة من الفتية والشباب العربي (من 12 إلى 30 عام) من امتلاك أدوات التعبير الرقمي، أي التعبير عن وعيهم بذواتهم وبواقعهم الذي يعيشون فيه وعن تطلعاتهم فيه من خلال أدوات العصر الرقمية، ومن أجل ذلك تنظم المؤسسة مجموعة من النشاطات(معسكرات التعبير الرقمي العربي، ومبادرات التعبير الرقمي “متر”، ودِكّة) التي تتمحور حول مبادىء حرية التعبير والمشاركة بالمعرفة التي تُستخدم من خلال الأدوات الرقمية ذات المصادر المفتوحة وتستهدف شباب من ذوي اختصاصات متعددة وفتية من بلدان عربية مختلفة.

خلال السنوات الماضية، وتحديدا منذ يناير 2006، نظمت المؤسسة مجموعة من الورش لتطوير مناهج معسكرات التعبير الرقمي من خلال فريق يضم أكثر من 20 من الخبراء العرب المتطوعون بالوقت والجهد للمشاركة في تأسيس هذا البرنامج الفريد، كما نظمت المؤسسة ثلاثة ورشات تدريب مدربين وستة مخيمات صيفية بوجود عدد كبير من الخبراء والمدربين والفتية العرب، وقد تم تدريب الشباب والفتية الذين قدموا من 9 بلدان عربية على التعبير الرقمي من خلال الأفلام والصوت والموسيقى والتصميم والتحريك والويب 2.0.

أما برنامج مبادرات التعبير الرقمي “متر”  فيهدف إلى دعم المشروعات المستقلة والكيانات الأهلية في مصر وتونس من خلال صندوق التعبير الرقمي التابع لمؤسسة أضِف، المتاح للمنظمات والمبادرات والأفراد والمشروعات التي ﻻتزال في مرحلة التنفيذ والتطوير، التي وُلدت في خضم هذه الفترات الانتقالية الحرجة في حياة الشعوب العربية، وتحصل المؤسسات والهيئات المختارة على التمويل المادي، وكذلك على دعم فني واستشاري يقدمه من مجموعة من الخبراء في مجالات الدعم المختلفة. كما يساهم فريق “أضِف” في إيضاح الرؤية وتقديم المشورة والدعم الإداري للأفكار المطروحة من خلال عقد ورش عمل أثناء عملية التخطيط وتنفيذ تلك المبادرات أو المشاريع.

أما “دِكّة”، فهى مساحة حرة للتعبير عن الرأي وتبادل المعلومات والمعرفة والتشارك والتعاون من أجل خلق بيئة عربية سوية تحترم تلك المبادئ، حيث توفر “دِكّة” البيئة المادية والنفسية والأدوات (صالة تحرير وكتابة، استوديو صوت وفيديو، قاعة كمبيوتر، قاعة للتعبير الفني، ومكتبة ومساحة فضاء)، وهي الأدوات التي من شانها خلق هذا المناخ لتشجيع الشباب العربي على ممارسة تلك الحريات من خلال وسائل الإعلام الجديدة ووسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة معتمدة على خبرة مؤسسة التعبير الرقمي العربي “أضِف”التي اكتسبتها من عملها بهذا المجال منذ عام 2006.

إضافة إلى تلك البرامج الثلاثة الممتدة تقيم “أضف” عددا من اللقاءات الحرة التي تسعى فيها إلى نشر قيم التعلم بالاستكشاف والتشارك والذي تقول عنه “نحن في “أضف” نؤمن أن المعرفة الحقيقية تُبنى عبر تكريس مفاهيم التعلّم البديل، وهو الأسلوب الذي اخترنا العمل به منذ 7 سنوات، ويعتمد هذا النوع من التعلّم على توفير مساحة جديدة تكفل حرية الاختيار فيما يريد الفرد أن يتعلّمه، بحيث تُبنى المعرفة فيها بالاستكشاف عندما يجرب بنفسه ويخطئ فيتعلّم، وبالتشاركيّة عندما يتعاون مع الآخرين على اختلافاتهم لتحقيق هدف ما، وبالنشارك والتعبير الحر والتطوير المستمر. من هنا يتيح التعّلم لكل فرد منذ النشء أن يعي قدراته وخبراته، وأن يمارس ما يتعلّمه ويتبادله ويتشاركه مع غيره فيتعلّم المزيد ويبني شخصيته المتفردة المتقنة لعملها”.

إذا كانت حياة علي شعث قد مرت كالشهاب الذي لمع في سماء المبادرات الأهلية الرقمية تحديدا ثم انطفأ بموته، فإن الضياء الذي تشعه مؤسسته بما ينفع الناس أبقى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى