المجلةابتكارات جديده

رجب عبدالمقصود يخترع دراجة نارية… بقدميه!

“النجاح والتفوق يحتاجان للعزيمة والإرادة القائمة على الاستعانة بالله أكثر من الاحتياج للإمكانات والظروف المواتية”.. بهذه الجملة بدأ رجب محمد عبدالمقصود الذي يبلغ من العمر 27 عاما قصته التي تعتبر نموذج للمثابرة والتحدي.

ولد رجب معاقا بدون ذراعين ولأسرة مصرية معدمة، وعندما تقدم للمدرسة رفض طلبه بعد أن تجاوز السن القانونية، وعجز والده عن مصروفات المدرسة عندما كان سنه مناسبا، وكذلك فشل في الحصول على عمل بالدوائر الحكومية، وهكذا يكمل حكايته التي يقف عندها المرء شاخصا:

يقول رجب: “لكن هذا لم يقعدني عن مواصلة حياتي كما يفعل بعض أصحاب النفوس الضعيفة اليائسة من رحمة الله”.

واضطررت أن أعمل “مكوجيا” حتى أوفر المال لي ولأسرتي، وبعد فترة تركت هذا العمل عندما وجدته مرهقا جدا، خاصة أنني أعمل بقدمي، لذا فكرت في عمل آخر يناسب إعاقتي وأستطيع به أن أقهر الفقر وأتكسب المال.

هنا قررت أن أعمل في إصلاح التلفزيونات، وبعد فترة اكتشفت أنني في حاجة لمن يساعدني في حمل الأجهزة، فقررت الاتجاه لعمل جديد، ولجأت إلى مهنة والدي.. أتدرون ما هي؟

 

 

رجب عبدالمقصود يخترع دراجة نارية... بقدميه!
رجب عبدالمقصود يخترع دراجة نارية… بقدميه!

 

لقد كان والدي يعمل “ساعاتي” يقوم بإصلاح الساعات، وبرغم أن هذه المهنة تقوم على الدقة المتناهية خاصة أنك تستخدم فيها أطراف أصابعك، وليس مجرد ذراعيك الذي ولدت بحمد الله دونهما.. إلا أنني قررت أن أمارسها ولكن بأصابع أقدامي.

وبدأت التدرب بالفعل على هذا العمل عندما كان عمري 15 عاما حتى أتقنتها، وصارت مهنتي التي أكسب منها قوتي.

التعلم مفتاح النجاح
في المهنة الجديدة، كان مفتاح النجاح والشهرة هو تعلم هذه المهنة وبسرعة، وهكذا تفوقت فيها؛ إذ كان يتملكني إحساس كبير، ودائم بأنني سأقهر المستحيل وأحقق أحلامي.

وبالفعل كان إحساسي صادقا، فبعد فترة كان لي محل خاص لإصلاح الساعات، وبدأ الزبائن يتهافتون عليَّ، وعندها اكتشفت حقا كم يملك الإنسان من مقدرات وطاقات هائلة يجهلها في أحيان كثيرة؟

وتغيرت حياتي، فقد استطعت بفضل الله أن أحل مشكلات أبجدية في حياتي، وتزوجت لأرزق بابني الأول أحمد.

وجاءت المفاجأة الكبرى عندما تم اختياري لأكون أول ساعاتي معاق في موسوعة “جينيس” للأرقام القياسية في العالم”

من الساعة للكمبيوتر
ظللت مع هذه المهنة لمدة 12 عاما، وخلال هذه الفترة تمكنت من تعلم القراءة والكتابة؛ لأن طموحي لم يكن يتوقف عند هذه المهنة بل كان لدي دافع أكبر في تطوير مهاراتي وقدراتي مستعينا بالله.

وذات مرة لاحظت أن أصدقائي يستخدمون الكمبيوتر فطاقت نفسي لامتلاك جهاز فقمت بشرائه وتعلمت استخدامه برغم أنني لا أعرف الإنجليزية التي هي أساس التعامل مع ذلك الجهاز.

بعد ذلك طاقت نفسي إلى فهم مكونات هذا الجهاز كما فهمت الساعة جيدا فبدأت أولا في تفكيكه إلى أجزاء، وإعادة تركيبه واحدة واحدة، ومرة بعد مرة صارت أجزاؤه كلها في ذهني.

بعدها بدأت في تعلم نظام الكمبيوتر، وكيفية إصلاح أي خلل في النظام بنفسي دون الذهاب إلى أحد مراكز تعليم الحاسوب الآلي، ولم يمر عليَّ عامان بفضل الله حتى أتقنت إصلاح أجهزة الكمبيوتر تماما.

وهكذا أصبحت الآن والحمد لله تعالى محترفا في فك الجهاز وتقفيله، وصار شغلي على الكمبيوتر مصدر دخل جديد لي يساعدني في معيشتي.

اختراع دراجة نارية
لم تكن عملية إصلاح الأجهزة هذه آخر الطموح بل بدأت في التفكير في أنني بوضعي الحالي لم أبتكر جديدا فهذه الأجهزة إنما صنعها غيري، وهم بذلك أصحاب الابتكار وأنا أعيد أي خلل إلى الوضع الذي هم حددوه لكل عنصر في هذا الجهاز.

من هنا جاءتني فكرة الابتكار أو الاختراع فصممت بالفعل دراجة نارية يمكني قيادتها دون يدين، من خلال استخدام قدمي في إدارة مفتاح التشغيل، وفي توجيهها بطريقتي.

وبرغم أن الدراجة ليس لها رخصة قانونية في مصر إلا أني لم أتعرض في مرة لسؤال أحد من رجال الشرطة عن رخصة لافتخارهم بأنني أول من صمم دراجة نارية صالحة للمعوقين.

“هذه الدراجة يمكن استخدامها لمن فقدوا أذرعتهم أو وُلدوا بدونها، وهي بذلك تسهل لهم الانتقال بمرونة من مكان لآخر، دون الحاجة للتزاحم في الأتوبيسات وغيرها، لذلك آمل -إن شاء الله- في أن يستخدم غيري من إخواني المعوقين هذه الدراجة”. في الختام أحب “أن أقول لهم إنه لا يأس مع الحياة، وعلى قدر العزم تكون النتيجة، والله تعالى لا يخيب ظن من استعان به، مهما قلت إمكاناته أمام الظروف”.

زر الذهاب إلى الأعلى