اختراعاتاختراعات طبيةالمجلةبنك المعلومات

أبحاث جديدة أجريت علي الأحماض المعجزة مضادات للأمراض الذهنية

أظهرت أبحاث جديدة أجريت في جامعة “باريس 2” بالعاصمة الفرنسية، أنه يمكن لبعض العناصر الغذائية أن تسهم –بفاعلية- في علاج بعض حالات الإعاقة الذهنية في الطفولة المبكرة، إذ اكتشف الباحثون حسبما ذكرت مجلة “لانست” الطبية العالمية أن هناك أحماضا أمينية أسماها الأطباء “الأحماض المعجزة” قد تكون مسئولة عن تراجع القدرات الذهنية لدى الطفل، وأنها ربما تشكل علاجا قائما بذاته في مجال “الطب البديل” وبالتحديد “العلاج بالغذاء”.

أبحاث جديدة أجريت علي الأحماض المعجزة مضادات للأمراض الذهنية

وتشير الأبحاث إلى أن هذه “الأحماض المعجزة” موجودة في زيت السمك بشكل أساسي، وأنها تساعد في تنشيط الاتصال العصبي لدى الطفل المعاق، خاصة الإعاقات الكلامية أو الناتجة عن تدني مستوى الذكاء، حيث أثبت الباحثون وجود علاقة وثيقة بين تلك الأحماض ومستوى الاستثارة العصبية لدى الأطفال المعاقين، بعد دراسات أجريت على 50 طفلا معاقا واستمرت لمدة 3 أشهر، وتبين خلالها أن 39 طفلا من الأطفال الخاضعين للدراسة ارتفعت لديهم القدرة على التركيز في ألعاب الذكاء التقليدية، كما ظهر نمو ملحوظ في مهارات تعتمد على الذكاء البسيط.
هذه “الأحماض المعجزة” أنفسها تعتبر دفاعا فعالا ضد بعض الأعراض النفسية لدى الصغار والكبار على السواء، فقد تبين أن تناول 250 جرام يوميا من سمك التونة له تأثير على مرضى الهوس الاكتئابي، فمن شأن هذه الكمية أن تعمل على تنشيط نقاط الاتصال العصبي التي تنقل نبات الذاكرة في المخ” ولهذا السبب تعتبر الأسماك بشكل عام هي غذاء القرن الحادي والعشرين.
والى ذلك يؤكد الدكتور نبيل سليم علي الأستاذ بجامعة الإسكندرية أن أحدث صيحة في عالم الطب هي تنمية الذكاء بالغذاء، فقد قامت وكالة المصايد اليابانية بتأسيس مجموعة أبحاث بالتعاون مع 15 شركة لاستخلاص مادة الـ(DHA) الموجودة في الأسماك بدرجة نقاء تصل إلى 90% وإضافتها إلى الأغذية، لتعمل كمنشط طبيعي للذاكرة وتجعل الشخص أكثر ذكاء، فالأسماك هي “غذاء العقول” حقا وليس مجازا!

ولا شك أنه يمكن للمخ البشري أن يصبح أكثر كفاءة إذا ما تناول الإنسان أغذية معينة تعمل على رفع الكفاءة العصبية، وهذا ينطبق على الأطفال والكبار معا، فالذكاء مرتبط بمدى قدرة شبكة الأعصاب على نقل الإشارات الكهروكيماوية من المخ إلى كل أجزاء الجسم، ولذلك تصبح العناصر الغذائية، وعلى رأسها الأحماض الذهنية والكالسيوم والبوتاسيوم ذات أهمية قصوى فهي عناصر لا يستطيع الجسم إنتاجها بسهولة، وينبغي الحرص على تناولها باعتبارها من “مغذيات الذكاء”!

مناعتك من غذائك

ويشير خبراء علوم التغذية إلى أن هناك أغذية يمكن أن نسميها “أغذية المناعة” لأنها تعمل على تقوية جهاز المناعة في الجسم وترفع من فعالية مقاومته للأمراضِ، ويأتي “الزبادي” على رأس هذه الأطعمة لأنه يحتوي على بكتيريا نافعة تقاوم الفيروسات، وعلى مواد عضوية تفتك بالميكروبات مثل الأحماض وأكسيد الهيدروجين وسواها، إذ أظهرت دراسة أخرى أجريت في “المعهد الوطني للصحة” في باريس أن الزبادي يساعد على زيادة الخلايا المقاومة للغزو الميكروبي، وينتج الأجسام المضادة للالتهاب الفيروسي، فضلا عن أنه يقاوم سرطان القولون، ويشار إلى أن فنلندا تسجل أدنى إصابة بالمرض الخبيث على مستوى العالم، لأن طعام الفنلنديين اليومي لا يخلو مطلقا من الزبادي ومنتجات الألبان عامة.
ويأتي الثوم في المرتبة الثانية –بعد الزبادي- في ترتيب “أغذية المناعة”. ومن الطريف هنا أن بعثة طبية أمريكية زارت هضبة التبت عام 2001، للبحث في أسباب وجود أكبر قدر من المعمرين على وجه الأرض هناك، إذ يتجاوز أعمار شيوخ التبت المائة عام، ورغم ذلك يبدون في صحة جيدة، وظلت البعثة أياما عديدة تجري أبحاثها حول المناخ ونوعية الطعام والشراب وعادات الناس، وقام الباحثون بوضع “كاميرا” في حجرات الطعام بعدة بيوت، فاكتشفوا أنه في الصباح الباكر تقوم النساء “بتفشير” العشرات من رؤوس الثوم وتقطيعها، ليقوم كل أفراد الأسرة بابتلاع كميات كبيرة من الثوم على الريق مؤكدين أنه بمثابة “إكسير الحياة” عندهم”!
ويقول الأطباء إن الثوم الطازج يقوي المناعة ويقاوم الخلايا السرطانية ويفيد في علاج الجلطة ويخفض ضغط الدم المرتفع، فضلا عن كونه علاجا ناجعا لالتهاب الشعب الهوائية المزمن، وبذلك يكون حقا “صيدلية” على المائدة!

في هذا السياق أظهرت دراسة طبية أجريت في جامعة ولاية إنديانا بالولايات المتحدة أن مادة “الجينستاين” الموجودة في فول الصويا تكافح سرطان البروستاتا لدى الرجال في مراحله الأولى بفاعلية تصل إلى 85% تقريبا، حاول تناولها لخمس مرات أسبوعيا في المتوسط، وذكرت الدراسة أن أورام البروستاتا الخبيثة واحدة من أكثر الأمراض فتكا بالرجال على مستوى العالم، وأنها السبب الرئيسي في وفاة رجل كل 15 دقيقة في أمريكا، ورجل كل 6 دقائق على مستوى العالم.
ويجري الأطباء بكلية طب جامعة إنديانا أبحاثهم لمعرفة كيفية عمل مادة “الجينستاين” أحد المركبات في قشر ولب فول الصويا، وتظهر الأبحاث أن هذه المادة فعالة في تقليل مستوى الهرمون الذكري “الأندروجين” المسؤول عن نمو أنسجة البروستاتا، وهو ما يعني الحد من نمو الأورام السرطانية في هذه الغدة الصغيرة والخطيرة في آن معا، ومازالت البحوث مستمرة لمعرفة الكمية المحددة بدقة من فول الصويا واللازمة لمكافحة سرطان البروستاتا، حيث انضم فول الصويا إلى قائمة الأغذية المضادة لهذا المرض، والتي تضم الطماطم وعين الجمل والقرنبيط.
هذا الاكتشاف الجديد في مجال “العلاج بالغذاء” يدعم سلسلة طويلة من الأبحاث في هذا المجال، حيث بدأ الطب الحديث يلجأ –يوما بعد يوم- إلى العلاجات البديلة غير الكيماوية، في وقت ينادي فيه العلماء بأن الغذاء “كنز” لم يكتشف بعد، وأنه يمكن القول إن لكل داء دواء.. من الغذاء!

غذاء ودواء

في ملف خاص عن “الطب البديل” ذكرت مجلة “لانست” الطبية العالمية، أن هناك أنظمة لها القدرة على شفاء أمراض ميئوس منها، وشهدت الأعوام الأخيرة تقدما مذهلا في علاج الأمراض والوقاية منها بالغذاء، فقد أثبتت الأبحاث –مثلا- أن هناك علاقة وطيدة بين الأحماض الأمينية الموجودة في بعض الأغذية وبين مرض الاكتئاب وأمراض القلب، وأن النظام الغذائي المعروف باسم “أوميجا 3″، وهو غذاء شعوب البحر المتوسط يحقق نسبة شفاء تصل إلى 70% مع المرض بانسداد أحد شرايين القلب خلال العامين الأولين للإصابة، ومن المعلوم أن هذا النظام يعتمد بشكل أساسي على تناول الأسماك والخضروات والمحمصات “المكسرات” يوميا وبمقادير محددة.
وكان أول من اكتشف القدرة العلاجية للغذاء معمليا هو الطبيب البولندي كازيمير فنك، عندما توصل إلى أن أحد الأمينات الموجودة في الأرز تعالج مرض البري بري، وكان من الثابت بطبيعة الحال أن أغذية معينة مثل عسل النحل وحبة البركة لها خصائص علاجية.
ويضع الدكتور عزالدين الدنشاري الأستاذ بكلية الصيدلة جامعة القاهرة ما يشبه “الروشتة الغذائية” للعلاج بالطعام على النحو التالي:
أمراض القلب والدورة الدموية: يعتبر زيت جنين القمح والفول السوداني وأوراق الخس والخضروات المورقة وكبد الحوت، من أهم العناصر الغذائية التي تستخدم في علاج أمراض القلب والأوعية الدموية والوقاية منهما، وهناك دراسات حديثة تظهر الأثر الفعال لفيتامين “هـ” الموجود بكثرة في هذه العناصر في معالجة تصلب الشرايين وانسدادها، كما تؤكد الدراسات أن الشعوب آكلة الأسماك مثل الشعب الياباني تقل بينها معدلات الإصابة بأمراض القلب وضغط الدم، أما زيت الزيتون فهو العلاج الناجع لمتاعب القلب حيث يساعد في رفع نسبة البروتينات الدهنية النافعة في الدم ويخفض البروتينات الضارة.
أمراض الكبد: يعتمد علاج هذه الأمراض أساسا على الغذاء، حيث يحتاج المريض إلى العناصر الغذائية التي تساعد في تجديد الخلايا التي أتلفها المرض، وينبغي على المريض في هذه الحالة أن يقلل من تناول الدهون لأنها ترهق الكبد السليم، وأن تتضمن وجباته الغذائية مأكولات غنية بالسكريات والبروتينات مثل عسل النحل والبطاطس والأرز والدجاج. وِ”الخرشوف” من الأطعمة التي ثبت فعاليتها في علاج أمراض الكبد بوجه عام، حيث نجح الباحثون في جامعة ولاية إنديانا الأمريكية في استخلاص مادة أطلقوا عليها اسم “السينارين” من الخرشوف، وثبت أن هذه المادة فعالة بشكل مؤكد في تجديد خلايا الكبد التالفة.

العقاقير الخضراء

تشير دراسة حديثة أجرتها الدكتورة سحر العقبي الباحثة “بالمركز القومي للبحوث” بالقاهرة، إلى أن هناك علاقة قوية بين الأغذية والوظائف الذهنية التي يقوم بها المخ، وأن التغذية السليمة تزيد كفاءة المخ وترفع من درجة القدرة على التعلم والاستيعاب، كما أنها تسهم في تحسين الحالة المزاجية، وتقوي عمل الموصلات العصبية في الجسم عموما.
وفي هذا الصدد ذكرت الدراسة أن الموصل العصبي المعروف باسم “سيروتونين” وهو المسئول عن التمتع بذاكرة نشطة، يحتاج إلى حمض أميني موجود في الأسماك يسمى “تريتوفات” كما أن الموصل العصبي المسمى “أسينابل كولين” الذي يؤدي إلى الإصابة بمرض “ألزهايمر” يحتاج إلى مادة “الكولين” الموجودة في صفار البيض، ما يؤكد أن عمل الجهاز العصبي وثيق الصلة بالغذاء السليم.
إلى ذلك تضيف الدراسة أن هناك خضروات يمكن أن يطلق عليها “العقاقير الخضراء” لفاعليتها المؤكدة في دعم الدورة الدموية بالمخ والخلايا العصبية، ومنها الجرجير والخس والثوم، فهي تحتوي على فيتامينات ومعادن طبيعية يؤدي نقصها في الجسم إلى تلف بعض خلايا المخ والموصلات العصبية، فعنصر “السيلينيوم” الموجود في الثوم هو أحد العناصر الضرورية للعمليات الذهنية كما أنه يقاوم أضرار تشقق الخلايا ويعمل كمضاد للأكسدة.
ويؤكد بحث د. العقبي حول العلاقة بين الغذاء وعمل المخ، أن هناك أغذية تعمل على تثبيط عمل مادة “الهومسيتين” وتقليل مستواها في الدم، وهي إحدى المواد الضارة بالخلية العصبية، وهذه الأغذية التي منها اللبن والمأكولات البحرية يمكن أن يطلق عليها “الأغذية العقلية” بامتياز.

طارق الديب

زر الذهاب إلى الأعلى