بنك المعلوماتالمجلة

الحمل والولادة تقتل نصف مليون سيدة سنويا

الحمل والولادة تقتل نصف مليون سيدة سنويا

لا تمرّ دقيقة واحدة في جميع أنحاء العالم إلاّ وتشهد وفاة امرأة واحدة بسبب المضاعفات التي تحدث خلال فترة الحمل وأثناء الولادة، ممّا يمثّل أكثر من نصف مليون حالة وفاة في العام الواحد، حيث تمثّل فترة الحمل والولادة ثاني أهمّ الأسباب – بعد الايدز والعدوى بفيروسه –  الكامنة وراء وفاة النساء البالغات.

وتشير تقارير  “منظمة الصحة العالمية” إلى إمكانية الوقاية من معظم تلك الوفيات لأنّ التدخلات الطبية اللازمة للحيلولة دون وقوعها باتت متوافرة ومعروفة، وتتمثّل العقبة الرئيسية التي تعترض سبيل منع تلك الوفيات في عدم حصول النساء على خدمات الرعاية قبل الولادة وخلالها وبعدها.

وتهدف المنظمة الدولية بعدد من الإجراءات الطبية إلى تحسين صحة الأمومة والحدّ من معدلات وفيات الأمومة بنسبة 75% بحلول عام 2015، إلا أن التقدم المحرز نحو بلوغ هذا الهدف شهد تباطؤاً كبيراً في البلدان النامية، وتدعم منظمة الصحة العالمية تلك البلدان لتمكينها من توفير خدمات متكاملة ومسندة بالبياّنات وعالية المردود في مجال رعاية الأمهات والرضّع خلال فترة الحمل وأثناء الولادة وفي الفترة التي تلي الوضع.

ومن ضمن الإجراءات التي اهتمت المنظمة الدولية بتوفيرها لتخفيض معدلات وفيات الأمومة، الاستثمار في النُظم الصحية، وخاصة فيما يتعلق بتدريب القابلات وإتاحة خدمات الرعاية التوليدية الطارئة على مدار الساعة، وتتمثّل العقبة الرئيسية التي تعترض سبيل إحراز التقدم نحو تحسين صحة الأمهات في عدم توافر خدمات الرعاية الحاذقة، وتؤكد التقارير وجود نقص في العاملين الصحيين المؤهّلين على الصعيد العالمي، فلابد من توفير 330 ألف قابلة أخرى بحلول عام 2015 لضمان التغطية الشاملة بخدمات القبالة الحاذقة.

وأرجعت التقارير أسباب وقوع أكثر من 70% من وفيات الأمومة، إلى خمسة عوامل فتاكة رئيسية هي: النزف الوخيم وأنواع العدوى المختلفة والإجهاض غير المأمون والاضطرابات التي تؤدي إلى فرط ضغط الدم وتعسّر الوضع، حيث يمكن أن يودي النزف الذي يحدث بعد الوضع بحياة المرأة في غضون ساعتين فقط، حتى إذا كانت في صحة جيّدة.

تجربة الولادة

تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 136 مليون امرأة، كل عام تعيش تجربة الولادة وتواجه نحو 20 مليون من تلك النسوة أمراضاً لها صلة بالحمل بعد الولادة،  وقائمة تلك الأمراض طويلة ومتنوّعة وهي تشمل الحمى وفقر الدم والناسور والسلس والعقم والاكتئاب، وكثيراً ما تعاني المصابات بتلك الأمراض من الوصم والنبذ من قبل أزواجهن وأسرهن ومجتمعاتهن المحلية.

وتحذر الدراسات من خطورة الولادة في سن متأخرة، حيث تعيش نحو 14 مليون فتاة تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عاماً تجربة الولادة كل عام، ممّا يمثّل أكثر من 10% من مجموع الولادات في العالم، وتوجد في العالم النامي قرابة 90% من الولادات التي تُسجّل بين المراهقات في إطار الزواج، وفي كثير من البلدان تواجه المراهقة مخاطر الوفاة في مرحلة الأمومة بنسبة الضعف مقارنة بغيرها من الحوامل.

الموت للفقراء !

من ناحية أخرى، تعكس حالة صحة الأمومة الفجوة القائمة بين الأغنياء والفقراء، حيث أن البلدان المرتفعة الدخل لا تشهد وقوع إلاّ 1% من وفيات الأمومة، في حين تواجه امرأة واحدة من أصل سبع نساء مخاطر الوفاة من جرّاء المضاعفات المرتبطة بالحمل أو الولادة في دولة النيجر، أمّا في أيرلندا فإنّ احتمال تعرّض المرأة للوفاة في مرحلة الأمومة يبلغ 48000/1، كما تشهد المناطق الريفية والفئات الفقيرة والمجتمعات المحلية الأقلّ تعليماً معدلات أكبر فيما يخص وفيات الأمومة.

ولكن ذلك لا يمنع من إمكانية الوقاية من معظم وفيات الأمومة من خلال توفير خدمات الرعاية الحاذقة أثناء الولادة وفرص الحصول على خدمات الرعاية التوليدية الطارئة، ففي أفريقيا تبلغ معدلات وفيات الأمومة أعلى مستوياتها، لا تستفيد إلاّ 40% من النساء من مساعدة قابلة حاذقة أو ممرّضة أو طبيب خلال الولادة، كما أن في البلدان النامية تتراوح نسبة النساء اللائي يستفدن من أربعة فحوص من الفحوص السابقة للولادة على الأقلّ خلال فترة الحمل بين أقلّ من 10% و أكثر من 90%، والجدير بالذكر أنّ النساء الفقيرات اللائي يعشن في المناطق الريفية تحديداً لا يخضعن للفحوص اللازمة، وبالتالي تفوّت تلك النسوة فرصة الاستفادة من أدوية الوقاية والعلاج ضدّ الأمراض أو الخدمات اللازمة لتوقي نقل الإيدز والعدوى بفيروسه إلى أطفالهن.

وتشهد البلدان النامية إجراء نحو 18 مليون من عمليات الإجهاض غير المأمونة كل عام، ممّا يؤدي إلى حدوث 70 ألف  حالة وفاة سنوياً، فيما يمكن الوقاية من الأسباب المؤدية للوفاة ، إذا ما أُتيحت المعلومات اللازمة عن تنظيم الأسرة وموانع الحمل، ووُضعت موضع التنفيذ، وهذا يمثل أحد الأهداف المندرجة ضمن المرامي الإنمائية للألفية في الحدّ من معدلات وفيات الأمومة بنسبة ثلاثة أرباع في الفترة بين عامي 1990 و2015، إلا أن التقدم المُحرز في هذا المجال شهد تباطؤاً حتى الآن، حيث ظلت معدلات وفيات الأمومة على الصعيد العالمي مرتفعة حتى عام 2005، ولم تنخفض إلا بنسبة لا تتعدى الـ 5%، وتراوحت بين 430 إلى 400 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حيّة.

صلاح عبد الصبور

زر الذهاب إلى الأعلى