المجلةبنك المعلومات

حقائق عن العمليات الجراحية المأمونة

أصدرت “منظمة الصحة العالمية” قائمة تفقدية جديدة يمكن استخدامها من قبل فرق الجرّاحين في المستشفيات وذلك في إطار الجهود الرامية إلى تقليل مخاطر الجراحة في جميع أنحاء العالم، بعدما ازداد عدد العمليات الجراحية المهمة في الآونة الأخيرة، حيث يشهد العالم إجراء 234 مليون عملية جراحية كبيرة في العام الواحد، أي بمعدل عملية كبيرة لكل ٢٥ إنسانًا، ويشكل هذا العدد ضعف عدد الولادات في العالم تقريبًا، وتجرى هذه الجراحات في ظل مخاطر أكثر بكثير من مخاطر الولادة، وتوقع ضحايا أكثر عددا من الحروب والنزاعات المسلحة.

وتتراوح معدلات المضاعفات المهمة بين ٣٪ و ١٦ ٪، فيما تتراوح معدلات الوفاة بين 0.2 و 10٪ حسب المكان الذي تجرى فيه الجراحة، حيث تبلغ النسبة في الدول المتقدمة ما بين 0.2% إلى 0.8% وتصل في الدول النامية إلى 3% إلى 10 %، الأمر الذي يسفر عن ٧ ملايين حالة من المضاعفات المسببة للعجز وعن مليون وفاة سنويًا، وهناك اعتراف بأن نصف هذه المضاعفات والوفيات يمكن تجنبه إذا اُتبعت معايير الرعاية الأساسية على نحو أكثر اتساقًا في العالم المتقدم والعالم النامي على السواء.

وتشير التقارير أيضاً إلى أنّ معدلات الوفيات الناجمة عن عمليات التخدير الكلي تناهز حالة واحدة لكل 150 حالة في بعض مناطق من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، كما تشكّل أنواع العدوى وغير ذلك من المضاعفات التي تعقب العمليات الجراحية قلقاً بالغاً في شتى ربوع العالم.

وتؤكد الدكتورة “مارغريت تشان” المدير العام “لمنظمة الصحة العالمية”، أنّ الإصابات والوفيات الناجمة عن الجراحة والتي يمكن استدراكها باتت من الشواغل المتنامية، واستخدام “القائمة التفقدية” هو أفضل وسيلة للحد من الأخطاء الجراحية وتأمين سلامة المرضى.

مبادرة الجراحة المأمونة

يقول الدكتور “أتول غاواندي”، وهو طبيب جرّاح وأستاذ في جامعة هارفارد،” إنّ الرعاية الجراحية ما زالت تمثّل أحد العناصر الأساسية للنُظم الصحية في جميع أنحاء العالم وذلك على مدى فترة تجاوزت القرن. وعلى الرغم من التحسينات الكبرى التي أُدخلت في العقود القليلة الماضية، فإنّ نوعية الرعاية الجراحية ومأمونيتها شهدتا تفاوتاً مريعاً في جميع مناطق العالم. وترمي مبادرة “الجراحة المأمونة تنقذ الأرواح” إلى تصحيح هذا الوضع برفع مستوى المعايير التي يتطلع إليها المرضى في كل مكان.”

وتمثّل المبادرة جهداً تعاونياً تتولى كلية الصحة العمومية بجامعة هارفارد توجيهه بالتعاون مع أكثر من 200 من الجمعيات الطبية الوطنية والدولية ووزارات الصحة وذلك من أجل بلوغ المرمى المتمثّل في الحد مما يمكن توقيه من الوفيات والمضاعفات المرتبطة بالعمليات الجراحية.

وتظهر النتائج الأوّلية لعملية تقييم أُجريت بين آلاف المرضى في ثمانية مواقع رائدة في شتى أنحاء العالم أنّ القائمة التفقدية أسهمت في زيادة احتمال تلقي المرضى العلاج طبقاً لمعايير أثبتت فعاليتها في مجال الرعاية الجراحية وذلك بمقدار الضعف تقريباً.

وتم تدشين مبادرة “الجراحة المأمونة” في تظاهرة عالمية كبرى، نظمها المكتب الإقليمي للأمريكتين التابع “لمنظمة الصحة العالمية” في واشنطن مؤخرا، وتوفر المبادرة الجديدة المسماة الجراحة المأمونة الاستراتيجيات الرامية لإنقاذ الأرواح بما توفره من أدوات لازمة للحد من الحدوث المتزايد للوفيات والمضاعفات الناجمة عن الجراحة في العالم، وتشمل هذه الاستراتيجيات والأدوات ما يلي:
•    الحصول على الموافقة المهنية على تعزيز “مأمونية” الرعاية الجراحية.
•    إعداد “قائمة منظمة الصحة العالمية المرجعية للجراحة المأمونة”.
•    تحديد مجموعة أساسية من التدابير لتحسين تتبع عدد الجراحات ومعدلات الوفاة.

وأثناء التظاهرة العالمية دعت الجمعيات المهنية التي تؤيد نهج “منظمة الصحة العالمية” للجراحة المأمونة، إلى تنظيم تظاهرات على المستويين الإقليمي والقطري خلال فترة تنفيذ هذه المبادرة، وأعلن عن موافقات الجمعيات المهنية من خلال موقع الإنترنت الخاص “بمبادرة الجراحة المأمونة تنقذ الأرواح”.

وتؤثّر خدمات الرعاية الجراحية وأساليب اجرائها بالطرق المأمونة في حياة ملايين الناس، ويسهم التغيّر في أنماط المرض في شتى أرجاء العالم في زيادة الحاجة إلى خدمات الجراحة بشكل كبير، حيث تراجعت الأوبئة وأنواع العدوى باعتبارها أهمّ أسباب الوفاة أمام أمراض تتطلّب تدخلات جراحية، مثل الداء القلبي الإقفاري والسرطانات، فضلا عن ضمان فرص الحصول على خدمات الرعاية الجراحية بالطرق المأمونة كأحد من الأمور الأساسية لضمان فعاليتها على مستوى العالم .

مليون حالة وفاة

من جانبها نشرت “منظمة الصحة العالمية” مجموعة من البيانات بشأن الجراحة في العالم، وذلك في إطار حملتها للتأكيد على أهمية مبادرة “الجراحة المأمونة” لحماية الأرواح، وتقدم هذه البيانات أرقاما وحقائق ونتائج دراسات تم إجرائها بمعرفة المنظمة الدولية.. ونستخلص من هذه البيانات عدة حقائق منها:

* يُجرى على الصعيد العالمي نحو 234 مليون من العمليات الجراحية المهمة كل عام، ويشهد كل عام خضوع 63 مليون شخص لعمليات جراحية بغرض علاج إصابات رضحية، وخضوع 10 ملايين شخص آخر لتلك العمليات من أجل علاج مضاعفات تتعلّق بالحمل، وخضوع 31 مليونا للجراحة بهدف علاج مختلف السرطانات.

* تشير الدراسات إلى أنّ المضاعفات التي تعقب الجراحة تؤدي إلى وقوع حالات عجز أو تمديد فترة مكوث تتراوح من 3% إلى 25% من المرضى الذين يدخلون المستشفيات، ويتوقف ذلك على مدى تعقيد العملية الجراحية وعلى بنية المستشفى الأساسية. وتعني تلك المعدلات أنّ 7 ملايين مريض قد يتعرّضون كل عام للمضاعفات التي تعقب الجراحة.

* تشير التقارير إلى أنّ معدلات الوفيات الناجمة عن العمليات الجراحية المهمة تتراوح بين 0.4% و10%، حسب المكان الذي تُجرى فيه، وما يمكن استخلاصه من تلك المعدلات هو أنّ هناك ما لا يقلّ عن مليون شخص يقضون نحبهم كل عام جرّاء العمليات الجراحية.

* لم تعمد سوى دراسات قليلة أُجريت على الصعيد العالمي إلى توحيد المعلومات الخاصة بالرعاية الجراحية أو جمعها بطريقة منهجية. وعليه فإنّ معظم التدخلات الجراحية التي تتم في جميع أنحاء العالم لا تزال غير مُسجّلة. ومن الضروري قياس مستوى الرعاية الجراحية على مستوى العالم لتعزيز مأمونيتها وتوقي الأمراض وتحسين الرعاية الصحية.

* في العالم المتقدم تحدث نحو نصف الأحداث الضارّة (مثل سوء الاتصال أو الأدوية غير المناسبة أو الأخطاء التقنية) التي تصيب المرضى في المستشفيات بالرعاية والخدمات الجراحية. وتشير البياّنات إلى إمكانية توقي نصف تلك الأحداث على الأقل إذا ما تم التقيّد بمعايير الرعاية واستخدام أدوات المأمونية، ومنها “القوائم التفقدية”.

* شهدت عمليات التخدير تقدماً هائلاً في السنوات الثلاثين الماضية، وإن لم يحدث ذلك في جميع أنحاء العالم. ففي بعض المناطق مازالت معدلات الوفيات المرتبطة بالتخدير عالية بشكل خطير.

* يتم تطبيق تدابير المأمونية بشكل متفاوت في ميدان الجراحة، حتى في الأماكن التي تأخذ بنصيب وافر من التطوّر. ويمكن، باتخاذ خطوات بسيطة، الحد من معدلات المضاعفات. فتحديد التوقيت المناسب لإعطاء المضادات الحيوية وتدقيق اختيارها قبل بضع الجلد، على سبيل المثال، من الأمور التي يمكنها تخفيض معدل الإصابة بأنواع العدوى في الموضع الذي تتم فيه الجراحة بنسبة تناهز 50%.

* تبيّن النتائج الأوّلية لعملية تقييم أُجريت في ثمانية مواقع رائدة في شتى أنحاء العالم أنّ “القائمة التفقدية” أسهمت في زيادة احتمال تلقي المرضى العلاج طبقاً لمعايير الرعاية الجراحية- مثل تلقي المضادات الحيوية قبل الخضوع للبضع الجلدي والتحقّق من أنّ فريق الجراحة سيجري العملية المناسبة للمريض المناسب.

* تتعاون مبادرة “الجراحة المأمونة تنقذ الأرواح” مع أكثر من 200 من وزارات الصحة والجمعيات الطبية الوطنية والدولية ومنظمات المهنيين على مستوى العالم من أجل الحد من الوفيات والمضاعفات الناجمة عن الرعاية الجراحية.

صلاح عبد الصبور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى