مبدعونمواهب واعدة

أطفال لم تثنيهم هموم الحياة عن الإبداع

أطفال لم تثنيهم هموم الحياة عن الإبداع : إذا قادك القدر في يوم من الأيام إلي أطفال رسمت ملامحهم حرارة الشمس ولونتها نيران الخزف فاعلم أنك في بطن البقرة وتحديداً في حي الفخارين بمصر القديمة. نظرة واحدة إليهم تكفي لتعرف أن أطفالنا ولدوا شيوخاً يحمل كل منهم علي عاتقه هموم كهل أضنته الحياة بمتطلباتها القاسية ودوما يكون الخوف من المستقبل هو رفيق الصبا والشباب.

أحد هؤلاء الأطفال يحدثنا عن حياته في حي الفخارين فيقول «يوسف أحمد 11 سنة» إنه كان طالباً في الصف الثاني الابتدائي ووالده يعمل بائعاً للفخار وهو أصغر أبنائه الخمسة وقد نجح كل واحد منهم في الحصول علي شهادة متوسطة ثم اتجه لتعلم حرفة فالذكور يعملون في ورش ميكانيكا وأصغرهم فتاة في الصف الثالث الابتدائي.. أما هو فلم تستهوه الدراسة فقرر والده إلحاقه بالعمل المبكر حتى يتسنى له تعلم حرفة تفيده في المستقبل، وذلك طبقا لتقرير لصحيفة روز اليوسف المصرية.

عندما سألنا يوسف كيف يبدأ يومه أجاب، بأنه يبدأه في التاسعة صباحاً ويستمر حتي السابعة مساء فيقوم بكحت زيادات القطع الخزفية وعجن الطين ومساعدة النحاتين ويتناول وجبتي الإفطار والغداء مع العاملين في الورشة وعادة ما يكون الإفطار طعمية وغداؤه كشري. أما «يحيي شاهين 12 سنة» فهو طالب بالصف الأول الإعدادي.. يسكن مع أسرته في الجزيرة معظم أقاربه يعملون في مجال الفخار والخزف أما هو فيلتزم بدراسته ولكن في الصيف الماضي أحضره خاله ومعه أخوه الأصغر يوسف حتي لا يهدر وقته فيما لا ينفع ولتعلم الحرفة وقد استطاع فعلاً أن يتعلم في فترة قصيرة أشياء كثيرة منها تلوين الفخار ومساعدة العاملين بالورشة في قطع كتل الطين ووضعها بالشمس وتشكيلها ويستغرق العمل كل وقته فيعود إلي المنزل منهكاً فإما أن يلحق بوجبة العشاء أو بقطار أحلامه فيسقط وأخوه فريسة للنوم.

وللبنات نصيب من العمل في حي الفخارين فتقول «وردة مسعد 15 سنة» إنها حضرت إلي العمل بقرية الفخار منذ ما يقرب من شهر بعد أن التحقت بالعمل في أكثر من مكان منها مطعم ومحل ملابس ولكنها لم تستطع التكيف مع ظروف العمل لذا نصحها جارتاها نورا وسيدة بالانضمام إليهن للعمل في قرية الفخار وهناك تقوم بالصنفرة والتشطيب لكل قطعة خزفية فتلك المهمة كما أخبرتهن المشرفة عليهن تحتاج إلي يد رقيقة تضفي عليها لمسة جمالية ولأن الفتيات أسعد حظاً من الصبية لا يعتمدن علي البائعين المتجولين في وجباتهن وإنما يقمن بطهي طعامهن بأنفسهن لضمان سلامته كأسرة واحدة فيكون أحياناً بطاطس مقلية ومكرونة لأنها أسرع وجبة تضمن سير العمل دون توقف.

مروة مظلوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى