المجلةالتطوير النفسيتطوير الذاتمبدعونمهن إبداعيةنابغون

وجوه المشاهير بالأقمشة والمكسرات وأرغفة الخبز

قطع ملابس متناثرة ملقاة على الأرض، تستعدّ لتأخذ دورتها في الغسل والكيّ، ولكن مصيرها يتغيّر، وتحمل لصاحبها الذي اشتراها بغير اهتمام بالغ وكان يعلّقها بإهمال في الغرفة، شهرة غير متوقعة، فيما هو نفسه لم يتخيل يوماً أن تتحوّل قمصانه وجواربه إلى قطع فنيّة مبتكرة تصبح تدريجيّاً حديث جانب كبير من جمهور السوشيال ميديا.

مستوى احترافيّ دون دراسة

موهبة فطرية من دون دراسة أو تنميق، صور المشاهير بـ”موازييك” مختلف هذه المرة، من بطولة الملابس الاعتيادية اليومية، حيث يبتكر هذا التكوين الفني المميز الفنان المصري الشاب محمد وحيد، ولدت هذه الملكة لديه من فوضى حجرته. في يوم كان يبحث فيه عن أفق جديد لأعماله، فالشاب يحترف الرسم بأنواع عدة من الأقلام والألوان، وكان معروفا بين متابعيه وأصدقائه وعائلته بقدراته على رسم البورتريهات باحترافية توازي صور الكاميرات فائقة الدقة، ولكنه أخيرا صنع بصمة مختلفة.

 

محمد وحيد، الذي شارك في برنامج “Arabs Got Talent”، قبل عامين، وخطف صيحات الإعجاب، وتحديدا من النجم أحمد حلمي عضو لجنة التحكيم “يهوى الرسم ولديه محاولات جادّة نشرها للجمهور”، وعلّق حلمي يومها بأنه مندهش جدا من قدرته على رسم بورتريه متقن بهذه السرعة باستخدام قطع الملابس فقط، يصف محمد وحيد، الذي شارك في البرنامج وعمره 26 عاما، ما حدث لـ”إندبندنت عربية”، ويقول “ردّ فعل الفنان أحمد حلمي كان مبهرا، قال وقتها تعليقا على ما عرضته إن الفن يعطينا يوميّاً دروسا بأن الأساس في الفن أنه بلا قواعد وأننا نتعلم يوميا الجديد، كما أن الجمهور صفق لي بشكل هيستيري، حيث قمت حينها بتنفيذ بورتريه للفنانة الكبيرة صباح”.

01.jpg

لوحة تستغرق أياما يرسمها في دقيقتين فقط

بعد عامين من خروجه من البرنامج، دأب محمد وحيد على تطوير نفسه، ويؤكد أنه ظلّ يعمل بصبر و”يذاكر” طوال تلك المدة، لافتا إلى أن مستواه في تقنية الرسم بالقماش صار أفضل كثيرا وأصبح أكثر سرعة وابتكارا.

 يستعد محمد وحيد قريبا لافتتاح أول معرض له، ويوضح أن الأمر يحتاج إلى مجهود كبير جدا، نظرا لأنه سيكون المعرض الأول من نوعه في مصر، وشدّد على أنه كان قد توقّف عن الدراسة عند المرحلة الثانوية، والآن وهو في الثامنة والعشرين يقوم بدراسات حرة في الفن التشكيلي.

ويتابع محمد وحيد “أنا الآن أقترب من الثلاثين، وقررت الحصول على دراسات خاصة في الفن رغم أنني نجحت، أقدّم أعمالي بلا دراسة، ولكن سوق العمل يحتاج إلى شهادة ومؤهل محدد، فرغم أنني أمتهن تصميم الإعلانات ونلت خبرة جيدة في هذا المجال، ولكنني أجد صعوبة في إقناع الشركات الكبرى بموهبتي فقط، حيث يشترطون الحصول على (مؤهل دراسي)، الحقيقة أنني رفضت بعد الثانوية العامة استكمال الدراسة الفنية، لأنني توقعت أنها سوف تعطّل خيالي وسوف تجعل أعمالي تقليدية، والحقيقة أن كثيرين من طلاب كليات الفنون يلتقونني ويبدون إعجابهم بأعمالي، بل ويطلبون مني أن أعلّمهم، كل هذا حتى من قبل أن أبدأ دراسة أكاديمية”.

03.jpg

خزانة الملابس.. باليتة ألوان غير تقليدية

كان لاشتراك “وحيد” في برنامج اكتشاف المواهب أثر كبير في تنمية موهبته غير التقليدية، حيث قال إنه كان أمام تحدٍ كبير، وهو أن ينجز اللوحة خلال خمس ساعات في الأقل، وقد يصل الأمر إلى أيام في بعض الوجوه، فيما كان الشرط ليشترك في البرنامج أن يبرز موهبته خلال دقيقتين في الأكثر، يشرح كيف حدث الأمر “تمرّنت يوميا لمدة خمسة أشهر قبيل المشاركة في المرحلة الأوليّة، وبعد فترة طويلة كدت أيأس، حيث لم أستطع تقليل المدة إلى أقل من 15 دقيقة، وقررت أن أنسى الفكرة، ولكنني حاولت مجددا بصبر وعزيمة، وحفظت الرسمة عن ظهر قلب، ونجحت في إنجاز البورتريه خلال أقل من دقيقتين، وكانت هذه نقطة تحول في حياتي”.

02.jpg

موهبة محمد وحيد ظهرت منذ الطفولة، وتدريجيا بات يضاهي بلوحاته المحترفين في مستوى أعماله، حيث كان يعمل على تطوير نفسه بلا دراسة، بل كان يعتمد على متابعة أعمال فنانين عرب وأجانب، ولكنه لم يكتفِ، حيث يحاول دائما أن يقدم جديدا ويبحث عن المختلف، يقول “لمدة ثلاث سنوات وأنا أحاول وأجرّب بطرق كثيرة، رسمت وجوها بـ(الشخبطة)، وباستعمال اللبان (العلكة)، ولكنني لم أقتنع بأن هذا ما أبحث عنه، وفي يوم كنت أجلس في غرفتي وحولي ملابسي غير مرتّبة، وفور أن هممت بأن أضعها في دولاب الملابس، جاءت لي فكرة تنسيقها بشكل ما لتظهر كأنها وجه، حيث استعملتها كباليتة ألوان وصنّفت قطع الملابس وفقا لدرجتها اللونية، وشرعت في صنع التكوينات، وبعد خمس أو ست ساعات عمل متواصل أنهيت أول رسمة لي باستخدام الأقمشة، حيث رسمت وجهي أنا، لم أصدّق النتيحة وقتها، وكنت مترددا قبل أن أصور الرسمة التي قد يجد البعض طريقتها غريبة، ثم تشجّعت وعرضتها على المتابعين عبر السوشيال ميديا، وانبهرت من رد فعل الجمهور وعبارات التشجيع التي لم تتوقف كي أكمل المشوار، حيث اعتبرها كثيرون أسلوبا جديدا جدا في الرسم، وتدريجيا رسمت وجوه أم كلثوم ومحمد منير وعبد الحليم حافظ، وغيرهم مثل الأميرة ديانا والمطربة العالمية أديل وأحمد حلمي وسعاد حسني مستخدما طرقا أخرى، وشارك عشرات الآلاف الصور وعلقوا عليها، والحقيقة أنني أكملت الطريق وأعجبتني اللعبة، حيث أرسم البورتريهات باستخدام المكسّرات، وقطع الفاكهة، والخضروات، والذرة المشوية، وأرغفة الخبز، والخيوط، وغيرها”.

المصدر

 

زر الذهاب إلى الأعلى