المجلةبنك المعلومات

صبير التين الشوكي.. وقود حيوي وبلاستيك فى المكسيك

أكثر من 110 نوع من أنواع صبير التين الهندي (أو التين الشوكي) أو أوبونتا Opunta بحسب الاسم العلمي الجامع لها تنتشر في جميع قارات العالم، خاصة في المناطق التي تتمتع بفصول شتاء معتدلة ذات موجة جافة مطولة متبوعة بصيف حار مع أمطار عرضية ورطوبة منخفضة نسبيًا بحسب موسوعة الويكيبيديا.
ومثل معظم أنواع الصبير الأخرى، فإن الموطن الأصلي لصبير التين الشوكي يقع فقط في الأمريكتين، ومنهما انتقل إلى العديد من المناطق الأخرى في العالم. وإذا ذكر التين الشوكي فإن أول بلد لابد وأن يرد على ذهنك موطنا له هو المكسيك، والذي ينتشر فيه انتشارا واسعا، خاصة في المناطق الوسطى والغربية منه، ومن ثم لم يكن غريبا أن تتوالد الأفكار المبتكرة في استثماره هذا المورد الحيوي المتجدد بأشكال مختلفة.
فعلي موقع “المنتدى الاقتصادي العالمي” نشر تقرير نص وفيديو بتاريخ 22 مارس 2019، يتناول فيه أحدث تلك الأفكار المبتكرة. وكما يشير التقرير فإن صبير التين الشوكي والمعروف في المكسيك باسم نوبال nopal ليس فقط غذاء رائعا لأهل المكسيك (ليس ثمرته فقط كما هو شائع في مصر)، ولكنه يمكن أيضا أن يكون مصدرا جديدا ومستداما للوقود الحيوي.

https://www.youtube.com/watch?v=8aDJ1ZCZr5M

وكما يروي التقرير فإن تلك “الإمكانية” أخذت منحى عمليا على يد روجيلو سوسا لوبيز Rogelo Sosa Lopez المزارع ومنتج فطائر التورتيلا الذي يعيش في منطقة زيتاثوارو على بعد 125 إلى الغرب من العاصمة المكسيكية نيومكسيكو، والذي كان دائما “مثل العديد من المزارعين، منفتحًا على فكرة إيجاد طرق جديدة للحفاظ على انخفاض تكاليف التشغيل.” لذا بدأ من خلال العمل مع زميله، أنطونيو رودريغيز، في طحن الصبير وتخميره لإنتاج الوقود الحيوي، ومن ثم المساعدة في تقليل تكاليف الوقود العادية.
عند تقطيع لحم الصبير وتقطيره ثم خلطه بالسماد، يتحلل الصبير لإنتاج الميثان والماء. وقد واصل روجيلو وأنطونيو عملهم من خلال إنشاء شركة نوباليمكس Nopalimex، وهي شركة تركز على إنتاج مصادر الطاقة الخضراء. يعمل غازها الحيوي على تشغيل الآلات الزراعية منذ عام 2016، والآن تقوم Nopalimex بتزويد سلطات مدينة زيتاثوارو Zitácuaro بالوقود لاستخدامه في أسطول مركباتها. ويتكلف اللتر الواحد 0.65 دولار فقط (أو 12 بيزو)، وهو سعر أرخص بحوالي الثلث من سعر البنزين العادي أو الديزل. ويحقق احتراقا أنظف إلى حد كبير.

ويقارن التقرير بين مزايا استخدام صبير التين الشوكي، وعيوب استخدام محاصيل مثل القمح وقصب السكر وفول الصويا في إنتاج الوقود الحيوي، وهي تحتل مكانة بارزة في السلسلة الغذائية – لكل من الناس والماشية. وتحديدا فإن حوالي 80 ٪ من فول الصويا في العالم يزرع في الولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين، والذي يستخدم في مجموعة متنوعة من المواد الغذائية، كما يتم استخدامه كمكون في مجموعة من المنتجات، كما أنه مهم للغاية لتغذية الماشية. فضلا عن ذلك فإن خلق مساحة لمحاصيل فول الصويا قد أدى إلى إزالة الغابات وتشريد الحياة البرية المهددة بالانقراض والتخريب الكارثي لحياة الشعوب الأصلية. فعلى مدار السنوات الإحدى عشرة الماضية، تم تطهير مساحة من الأراضي تعادل مساحة ويلز لإنتاج فول الصويا في منطقة ثيرادو Cerrado بوسط البرازيل.
صبير التين الشوكي في المقابل لديه عدد من المزايا الاستراتيجية على محاصيل الوقود الحيوي المعتادة. فبينما يتم استخدامه في إنتاج المواد الغذائية والمشروبات، إلا أنه لا يتم استهلاكه على نطاق صناعي. لذلك لن يؤدي الطلب المتزايد عليه في إنتاج الوقود إلى الضغط على أسعار المواد الغذائية. وبالمثل، فإنه لا يزرع عادة في حقول الزراعة التقليدية، مما يعني عدم وجود منافسة متزايدة على الموارد المستخدمة حاليًا لإنتاج الغذاء العالمي. علاوة على ذلك، إذا حل صبير التين الشوكي محل فول الصويا في إنتاج الوقود الحيوي، فإن انخفاض الطلب يمكن أن يساعد في استقرار أو حتى خفض أسعار المواد الغذائية.
وإذا لم يكن كل هذا كافياً لإعادة اكتشاف صبير التين الشوكي في ضوء جديد، فسيتم استخدامه أيضًا كبديل محتمل للبلاستيك المستخدم مرة واحدة. حيث استخدمت عالمة الأبحاث ساندرا باسكو من جامعة وادي أتيماكاك في المكسيك عصير صبير التين الشوكي كأساس لمواد جديدة تشبه البلاستيك، حيث يحتوي العصير على السكريات الأحادية والسكريات، والتي يمكن دمجها مع الجلسرين والشمع الطبيعي والبروتينات لتكوين سائل يتشكل في صفائح بلاستكية، وعلى عكس البلاستيك العادي، يتحلل بديل عصير صبير التين الشوكي بشكل طبيعي عند دفنه في التربة، مما قد يساعد في مكافحة التلوث البلاستيكي.
——————————————–

د. مجدى سعيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى