المجلةبنك المعلومات

المكانة الإقليمية لتركيا حتى عام 2020: دراسة مستقبلية

المكانة الإقليمية لتركيا حتى عام 2020: دراسة مستقبلية

 

 

 

 

معلومات عن الكتاب

العنوان: المكانة الإقليمية لتركيا حتى عام 2020: دراسة مستقبلية

المؤلف: بكر محمد رشيد البدور

الناشر: مركز الجزيرة للدراسات- الدار العربية للعلوم ناشرون

التاريخ: 2016

المصدر: مركز الجزيرة للدراسات

 

رغم أن عملية تحديد الوضع الاستراتيجي لدولة من الدول، واستشراف مكانتها الإقليمية ليس أمرًا هيِّنًا، ويبدو ذلك أكثر صعوبة وتعقيدًا في حالة تركيا؛ بسبب الطبيعة الديناميكية التي تميزت بها الدولة التركية الحديثة ومحيطها الإقليمي، ناهيك عن أن العالم بأسره يعيش حالة من التحوُّل، فإنَّ كتاب “المكانة الإقليمية لتركيا حتى عام 2020: دراسة مستقبلية”، الصادر عن مركز الجزيرة للدراسات في يناير/كانون الثاني 2016، يُقدِّم مقاربة تحليلية يمكن وصفها بـ”الشبكية”؛ التي تختص بدراسة العلاقات المعقدة وتشابك التحوُّلات في بنية المجتمع التركي والنظام السياسي وتفاعلاته مع محيطه الإقليمي والدولي، وانعكاسها على السلوك السياسي الخارجي لتركيا ومستقبل مكانتها الإقليمية.

ويلاحظ مؤلِّف الكتاب بكر محمد رشيد البدور، أن ما جرى على الساحة التركية منذ مطلع الألفية الجديدة لا يُعدُّ تغيُّرًا عاديًّا، بل يؤشر على إعادة الدولة التركية صياغة ذاتها؛ إذ شهدت تغيُّرات وتطورات بنيوية في المجتمع والدولة منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002. وهنا، تبرز مشكلة الدراسة التي يحاول الكتاب مقاربتها؛ وتتمثل في طبيعة المكانة الإقليمية التي يمكن أن تحتلَّها تركيا حتى عام 2020، في ظل التغيرات الداخلية والإقليمية والدولية المحيطة بها. فقد أدت التغيرات التي عرفتها الساحة التركية منذ مطلع القرن الحادي والعشرين إلى أشبه ما يكون بإعادة تشكُّل للدولة التركية المعاصرة وللمجتمع التركي المعاصر على حد سواء، مع ما تحمل تلك التغيرات من تحديات وفرص كبيرة للدولة والمجتمع معًا.

وتأتي أهمية الدراسة انطلاقًا من معالجتها لمستقبل المكانة الإقليمية لتركيا من جانبين: أولهما نظري؛ إذ سعت الدراسة إلى التعريف بمفهوم المكانة الإقليمية ومؤشراتها، ومن ثَمَّ تتبع مسار مؤشرات هذه المكانة؛ بهدف الوصول إلى نتائج واضحة وعلمية. وثانيهما عملي، ويتمثل في رصد الاتجاهات والاتجاهات الفرعية، وصولًا إلى الاتجاهات العظمى من خلال تقنيات الدراسات المستقبلية؛ لمعرفة السيناريوهات المحتملة لمكانة تركيا الإقليمية المستقبلية، وكذلك ترجيح أيٍّ من تلك السيناريوهات أكثر احتمالًا.

ويشير المؤلِّف إلى أن الكثير من الدراسات والأبحاث العربية تناولت بعض الشؤون التركية، لكنها امتازت بالجزئية؛ فتارة تعالج شأنًا تركيًّا داخليًّا، وتارة تطرح مسألة في الشؤون الخارجية المرتبطة بتركيا، لكن يسعى هذا الكتاب إلى قراءة المشهد التركي من كافة جوانبه؛ بغرض استشراف المكانة التي يمكن أن تتبوَّأها تركيا في المنطقة خلال العقد المقبل. ولكي تكتسب الدراسة طابعًا علميًّا، قام الباحث باستخدام أدوات وتقنيات الدراسات المستقبلية، مثل: تحليل السلاسل الزمنية، والتنبؤ الحدسي، وبناء السيناريوهات، كمنهجية أساسية في مقاربة المشكلة، كما استعان بأدوات أخرى كالوصف والتحليل وغيرها. وقد انصبَّ البحث على الاتجاهات الكبرى (Mega-trends) للتحوُّلات في بنية المجتمع، والنظام السياسي التركي، ولما كان سلوك الدولة لا يرتبط بمتغيراتها الداخلية فقط؛ بل بشبكة من التفاعلات الإقليمية والدولية من حولها، فإنَّ المسألة تتطلب تحديد الاتجاهات الكبرى لتلك التفاعلات، ومدى انعكاسها سلبًا أو إيجابًا على السلوك السياسي الخارجي لتركيا في أبعاده الإقليمية والدولية.

وهنا، يُنوِّه الكاتب إلى قضية منهجية مهمة، وترتبط بتحديد إطار الدراسة بعام 2020؛ الأمر الذي يستدعي التنبُّه إلى أن بعض الظواهر قد تتداعى خلال هذه الفترة، دون أن تصل نهايتها، وهو ما يتطلب دراسة الاتجاهات، والاتجاهات الفرعية (Trends and Sub-trends)؛ لمعرفة مدى تأثيرها وتكوينها للاتجاهات العظمى، وذلك ما تناوله الباحث في ثنايا الكتاب في سياق معالجة هذه الجوانب. كما أن المفاجأة في السياسة الدولية أمر مألوف، ولا يستطيع الفكر الإنساني التنبُّؤ بها، وهذه المفاجآت على نوعين: مفاجآت كبرى تغيِّر الظواهر القائمة بشكل كُلِّي، وأخرى تعيق مسارها بصورة آنيَّة، دون تغييرها، بل تطال سمات غير أساسية في كينونة تلك الظواهر.

وفي ضوء مشكلة الدراسة وأهدافها، جاء الكتاب في مقدمة وبابين وخاتمة، واشتمل كل باب على ثلاثة فصول. في الباب الأول، وهو بعنوان البنية الداخلية لتركيا، تناول الباحث في الفصل الأول أصول الثقافة السياسية والبنية المجتمعية في تركيا، وتضمن تحليلًا كميًّا لأحوال المجتمع التركي المعاصر في المجالات الاجتماعية والديمغرافية المختلفة، أما الفصل الثاني فرصد مؤشرات البنية الاقتصادية والتنمية البشرية والإنفاق الدفاعي التركي، وفي الفصل الثالث تناول الباحث المؤسسات الرسمية للنظام السياسي التركي، ومكوِّنات النُّخبة السياسية والمجتمع المدني، وتوجُّهات الرأي العام نحو نظامه السياسي من خلال تحليل بعض استطلاعات الرأي، كما تمت مناقشة الآلية الدستورية والقانونية لصنع القرار في تركيا، ومتابعة الاتجاهات الكبرى للنظام السياسي.

وحمل الباب الثاني من الدراسة عنوان المكانة الإقليمية لتركيا، وضم ثلاثة فصول؛ استعرض الباحث في أوَّلها مؤسسات السياسة الخارجية التركية والقواعد التي تقوم عليها، وتفاعلات السياسة الخارجية مع البيئة المحاذية والبيئتين الإقليمية والدولية، وصولًا إلى الاتجاهات الكبرى لهذه السياسة، وفي الفصل الثاني تم تحليل بعض الدراسات المستقبلية للوقوف على طبيعة المؤشرات المستقبلية للوضع التركي إقليميًّا ودوليًّا، أما الفصل الثالث فجمع فيه الباحث المؤشرات التي عالجتها الدراسة، وتم حساب معدل التغير لكل مؤشر ضمن مدة الدراسة، وبناء على هذه المعدلات تم التنبُّؤ بقيم المؤشرات خلال السنوات العشر المقبلة على فرض ثبات هذه المعدلات، وبعد ذلك استعرض الباحث السيناريوهات الممكنة للمكانة الإقليمية لتركيا، ثم توقفت الدراسة عند السيناريو المحتمل وعالجت أثره على المكانة الإقليمية، وبعد هذا التحليل تمت دراسة القوة العسكرية لتركيا ورصد بعض اتجاهاتها المستقبلية.

وفي الخاتمة خلص الباحث بعد مناقشة السيناريوهات المختلفة لمكانة تركيا الإقليمية (الممكن المتفائل، الممكن المتشائم، المعياري، المحتمل)، إلى ترجيح حدوث السيناريو المحتمل الذي ينطوي على تقدُّم مستمر في موقع تركيا الإقليمي، والابتعاد عن أي مواجهة عسكرية خارج إطار الأمم المتحدة وحلف الأطلسي، والاستمرار في التعامل مع الآخرين على أُسس براغماتية وليست أيديولوجية، بالإضافة إلى تبنِّي سياسات متوازنة تراعي التناقضات بين القوى الدولية والإقليمية المختلفة، ولا تميل لأيٍّ منها على حساب الأخرى قدر الإمكان؛ حفاظًا على مصالحها الحيوية، ومن ثَمَّ فإن تركيا على هذا الأساس ليست مجبرة على الاختيار بين توجهاتها الأوروبية وعمقها الإسلامي، وبإمكانها التوفيق بين الجانبين. وتشير الاتجاهات العظمى لجميع المؤشرات إلى أن تركيا تمثل قوة إقليمية صاعدة بقوَّة، وبحلول العام 2020 ستكون تركيا قد قطعت شوطًا كبيرًا باتجاه الدولة المركز، وإذا كان على الدول العربية أن تختار بين تركيا أو إيران أو إسرائيل كدولة مركز للإقليم، فإن تركيا هي الخيار الأفضل لكثير من الاعتبارات التاريخية والثقافية فضلًا عن المذهبية.

 

 

موقع موهوبون دوت نت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى